آخر تحديث: 6 / 10 / 2024م - 9:39 م

أكرموا الخبز.. الطعام المبارك والصديق الوفيّ في الأزمات!

”كارثة الغذاء“ المقبلة.. كانَ هذا عنوان غلاف العدد الأخير من مجلة ”إيكونوميست“ في شهر مايو 2022م، تحذر من أن الحربَ في أوكرانيا تحرف كفَّة العالم الهشّ نحو جوعٍ كبير، معتبرةً أن مسؤولية هذا الوضع تقع على الجميع. رسمت المجلَّة على غلافها الخارجيّ ثلاث سنبلات، كل سنبلة أنبتت جماجمًا بشريَّة كثيرة بدلًا من القمح. في هذه الأزمة ارتفعت أسعارُ القمح واحتفظت دولٌ كثيرة بما تزرعه من القمحِ لمواطنيها، وكأنَّ ذلك علامات مبشرات بندرةِ الغذاء العالمي!

هل يمرّ عليك، القارئ الكريم، يومًا بكامله دون أن تأكل شيئًا من الخبز، أو مما تحمله السنابل من القمح؟ إن استطعت، فأنت نسخة فريدة من البشر، لأن القمح يدخل في كثيرٍ من المأكولات الشهيَّة، وأولها الخبز. أنا من أولئكَ الذين إذا لم يأكلوا الخبزَ يومًا، فما أكلوا! ولم أزر بلدًا لا يحب أهل ذلك البلد الخبز. وفي الدول المتقدمة يسمون أنواعًا من الخبز بأسماءِ بلدانهم ودولهم!

في الأزماتِ الاقتصاديَّة العالميَّة الكبرى - ونحن في واحدةٍ منها - تظهر قيمة الخبز، الغذاء الذي أكله أبناءُ آدم منذ أن سكنوا الأرض. في الأزمات يُعرف الأصدقاء، وسنابل القمح أبدًا ما خانت من يزرعها ومن يأكلها من إنسانٍ وحيوان وطيور. القمح المبارك إذا شحَّ فإن بشرًا كثيرًا في العالم قد لا يجد ما يأكل، وكذلك الحيوان لا يأكل. أما في الدَعة ورغد العيش، وأوقات الوفرة، فنحن نرمي منه الكثير في القمامة وكأنه مادَّة لا قيمة لها!

قيل في نعمةِ الخبز ما لم يُقال في غيره من الوصايا بالاحترام والتقدير. عن رسول الله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: من وجد كسرةً، فأكلها «كان له حسنة»، ومن وجدها في قذر، فغسلها، ثم رفعها كان له سبعون حسنة.

حقًّا، شكرًا لله على نعمة القمح، لولا هذا الغذاء لهلك كثيرٌ من البشر، إن لم يتوفر لهم البديل عنه. كلوه واستمتعوا به وأدعو اللهَ أن يكثّر منه، فقد ورد في الحديث عن رسولِ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: باركْ لنا في الخبز ولا تفرق بيننا وبينه فلولا الخبز ما صلَّينا ولا صمنا ولا أدينا فرائضَ ربنا.

أظنّ أن الجيل القديم - فوق الخمسين سنة - يتذكر جيِّدًا قيمة الخبز أكثر من الجيلِ الحاضر. في الأيَّام الخوالي، لم يُعرف الخبز إلا في نسخةٍ واحدة أو اثنتان. كان يعامل باحترامٍ وتقدير ولم يرمَ شيء منه!

مستشار أعلى هندسة بترول