آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

معنفة الموسم

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

سادت حالة من الاستياء والتذمر الشديدين بين مرتادي موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعد تداول مقطع فيديو تم نشره يظهر فيه صوت صراخ فتاة تتعرض للضرب، وصوت آخر لرجل يُعتقد أنه والدها يقول لها ألا تصرخ بينما هو يضربها.

وحسب الشخص الذي نشر الفيديو فإن مكان التصوير هو حي الموسم في جازان جنوب السعودية.

مغردو «تويتر» أطلقوا هاشتاقا بعنوان «معنفة الموسم» تصدر الترند بسرعة البرق، استنكروا فيه هذه الأفعال المشينة، وطالبوا الجهات الرسمية بفتح تحقيق في الحادثة والقبض على الجناة.

في الواقع ما زال هذا الملف مستمرا وبالسيناريو ذاته، حوادث العنف داخل البيوت يبدو أنه لا يظهر منها في السطح سوى القليل، ولذلك نحن ملزمون بتشريح المشكلة ومعرفة جذورها الحقيقية، فعند الحديث عن «مركز بلاغات العنف الأسري 1919» نجد أنه بحاجة ماسة إلى التطوير والحوكمة، خاصة أن كثيرا من التقارير الصحفية تشير - مثلا - إلى أن هناك مشكلة ما زالت في سرعة الاستجابة للبلاغات، مع أن هناك كثيرا من الإجراءات تتخذها وزارة الموارد البشرية، ولكن أين تكمن المشكلة بالتحديد؟.

يبدو أن الخلل يرتبط بالبنية الإدارية في التعامل مع هذا الملف، بدليل تعقد الإجراءات وتضارب التنسيق مع الجهات الأخرى المشمولة في المهام والمسؤوليات المنوطة به.

عندما نتحدث عن مركز البلاغات فمن الأهمية بمكان أن نتحدث عن كفاءة هذا المركز، ولكي نتحدث عن الكفاءة، فلا بد أن نتحدث عن مؤشرات الأداء ونتائجها ليكون السؤال: هل حقق المركز النتائج المرجوة؟

فتقييم الأداء لمعرفة مدى تطبيق نظام الحماية من العنف بأجزائه ال4 «بلاغات، استجابة، تدخُّل، تأهيل ووقاية»، وتقييم الفاعلية لما طُبق لمعرفة مدى تحقق النتائج المرجوة، وهو ضروري، إذ إن مستوى تحقيق النتائج هو المؤشر المهم الذي ينبغي النظر إليه، وهو يظهر في انخفاض مستوى العنف، وهنا تظهر أهمية تطوير مركز بلاغات العنف كجهة مهمة ومحورية في ملف العنف بحيث تكون له بصمة واضحة في صياغة معايير أداء هذه الإجراءات، ومتابعتها ومراقبتها وإبراز نتائجها بشكل دوري، ومدى ملاءمتها حقوق الأسرة، ووضع برامج جديدة ومراجعة التشريعات القانونية والإدارية، التي من شأنها دعم استقرار الأسرة، والعمل على حماية المجتمعات من العنف والتفكك الأسري.

ومن المهم كذلك بناء شراكات مع الجمعيات المحلية والإقليمية والدولية، في خلق الثقافة الحقوقية والقانونية لدى الأسرة السعودية، تضمن تعريفها بحقوقها وواجباتها وآليات ممارستها وحدودها، والاهتمام بخلق أجواء الحوار والنقاش حول قضاياهم الحيوية جميعها دون استثناء.

أخيرا أقول، العنف ضد المرأة يُعد اليوم واحداً من أكبر انتهاكات حقوق الإنسان القائم على التمييز العنصري، كانت المشكلة في الماضي مرتبطة بالتشريعات القانونية لحماية المرأة والطفل، ونحن نملك اليوم قوانين لحماية الطفل والمرأة من الإيذاء، لكن يبدو أن الخلل لدينا هو في تطبيق الإجراءات الإدارية، ومركز بلاغات العنف 1919 شاهد حي على ما نقول.