آخر تحديث: 7 / 5 / 2024م - 11:44 م

هل نتوازن عندما نحب أو نكره؟

كاظم الشبيب

هناك فرق بين العيش بروح توازن انتعاش الحب أو العيش بروح توازن رعب الكراهية. الهيام في الحب لا يقوم بين المحبين بينما كل طرف يسعى للاستقواء أمام الآخر أو يضع القوانين والأعراف التي تحدد مساحات تحركه، لأن هذه المساعي يحتاجها دائماً المتكارهون ليأمنوا شر بعضهما، وهو ما يمكن تسميته بتوازن الردع بينهما. ذوبان المحبين في بعضهما لا يأتي مع سلوكيات المتكارهين كالحذر والترقب، وتصرفات التكاره كالشك والريبة، لأن مصدر ذوبان المحبين الاطمئنان إلى حد التسليم، ومنبع المودة والشوق هي مشاعر السعادة إلى حد رغبة التواجد المستمر بينهم. 

لذلك فالأمر الطبيعي أن الحب يولد الحب، والكره يولد الكره. فنحن نصنع ردود أفعالنا تجاه بعضنا البعض من خلال تلك المشاعر النابعة من الحب أو الكره. ومن أسوء الحالات الندم على ردود أفعالنا عندما تقع في غير مكانها سواءً كانت مشاعر حب أو مشاعر كره، فنستجيب بشكل غير متوازن. فالثابت أن الكراهية، كما الحب، شعور يتجه إلى الآخر باستمرار، وإلا أصبحت الكراهية - والحب كذلك - شعوراً بلا موضوع. كما أن هذا الآخر، موضوع الكراهية والحب، ينبغي أن يطلع على كراهيتنا أو حبنا له من أجل استدراجه لينخرط معنا في علاقة الكراهية أو الحب. ونحن كثيراً ما نتعامل بلا مبالاة «أو بلا اهتمام خاص على أقل تقدير» تجاه شخص ما، ولكن معظمنا، حين يبوح لهم هذا الشخص بكراهيته أو بحبه، يستجيبون لهذا البوح بكراهية مضادة أو بحب متبادل، هكذا كما لو كان هذا البوح دعوة ونداء وطلباً لا يرد. [1] 

عامل ضعف أو قوة أطراف العلاقة، ثنائية بين شخصين أو جماعية بين أهل هويتين، يرسم معالم التعاطي بينهما في التكافؤ والندية والتساوي والتعالي والاستصغار وغيرها. بيد أن مسائل كثيرة استجدت اليوم لتحد من تصرفات الكراهية، فما عادت الأحوال كما كانت عليه قبل عقدين أو أكثر، بلا شك بأن قوانين حماية الناس من بعضهم، كأفراد أو كجماعات وأمم أصبحت فاعلة بنسبة أو بأخرى. 

فالحال تغير اليوم، وأصبح بإمكان الضعفاء، في كثير من المجتمعات، إما التوسل بالقانون وقوى المجال العام لمناهضة الكراهيات التي تستهدفهم وكبتها، وهم، في الغالب، ينجحون في مسعاهم، وإما الرد على الكراهية بكراهية مضادة وقد تكون أعظم من الأولى. وهذا ما خلق نوعاً جديداً من توازن رعب الكراهية، وهو توازن رعب يقوم على هذا المنطق: كل كراهية لن تمر بدون حساب، بل سيرد عليها بكراهية مضادة. [2]  وفي المقطع المرفق عينة من قوانين الردع للكراهية: ما هي جرائم الكراهية؟ قانون مكافحة التمييز والكراهية في الامارات

 

[1] [2]  بالتوالي: كراهيات منفلتة، ص 75، وص117