هل الرياضة خطرة أثناء الصيام؟
كثيراً ما يحذر عدد من الأطباء أو المهتمين بالشأن الصحي من ممارسة الرياضة أثناء الصيام، وتحديداً ”الجاف“ أثناء شهر رمضان، معتبرين أنه في حال مزاولتها، خصوصاً تلك التي تتطلب جهداً أكبر، ستعرض صحة الإنسان لخطرٍ كبير محتمل!
الدكتور محمد محروس المحروس، باحث واستشاري سعودي في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية، نشيط عبر قناته الخاصة بموقع ”يوتيوب“ التي ينشر فيها عدداً من الفيديوهات التثقيفية في الحقل الصحي بشكل عام، ومنها ما يتعلق بالتغذية والرياضة.
المحروس له فيديوهات بها وجهات نظر قيمة، إلا أن لديه بعض الآراء التي ربما تسجل عليها عدد من الملاحظات العلمية، وهذا أمرٌ لا ينقصُ من تقدير المتابعين لجهوده التثقيفية، فليس هنالك من شخصٍ متكامل الآراء، فكلُ عالم يتحدث وفق تجربته وخبرته وقناعاته الذاتية التي انبنت على مدار سنوات من العمل والملاحظة.
هذه الآراء المهم فيها أن يكون أساسها العلم المستمر، أي عدم الركون لنتائج معينة، قديمة، أو مدرسية، واعتبارها بمثابة الخطوط الثابتة التي لا يمكن تجاوزها؛ فمن الضروري أن تكون هنالك مراجعات للآراء الصحية، ومتابعة للدراسات الحديثة، والتحقق من المعلومات عبر البحث والتجريب ووضعها أمام الاختبارات العملية.
الدكتور المحروس وفي 3 إبريل الماضي، نشر فيديو بعنوان ”الرياضة أثناء الصيام“، تحدث عن أهمية ”تشبع الأنسجة بالسوائل“ أثناء ممارسة الرياضة، ومحذراً من خطر فقدان السوائل أثناء الرياضة، والتي لا يمكن للصائم تعويضها في فترات النهار!
أولاً، هنالك فهم خاطئ لمفهوم ”الترطيب“، فكثير من الاختصاصيين والمتابعين يعتقدون أن ذلك يتم عبر شرب الماء والسوائل، وذلك تصور غير دقيق. ف ”الترطيب“ أساسه حصول الجسم على الكمية الكافية من الأملاح والمعادن الضرورية مثل: المغنيسيوم، الصوديوم، البوتاسيوم، البورون، الكلوريد، السليكا.. فوجود هذه العناصر والمعادن الأيونية هو شرطٌ أساسٌ لحصول عملية الترطيب للأنسجة العضلية، وقيام الخلايا بعملها الدقيق، وتوصيل السيالات العصبية والمواد بين أعضاء الجسم المختلفة.
من هنا، لو شرب الإنسان كميات كبيرة من الماء، أو احتسى سوائل فقيرة بهذه المكونات المعدنية المهمة، فإن عملية الترطيب لن تتم إلا جزئياً، وستكون منقوصة؛ وهذه مشكلة يقع فيها الكثيرون، ظناً منهم أن الماء الذي يحتوي على الأملاح المعدنية الطبيعية يرفع معدل ضغط الدم ويسبب تسارع ضربات القلب، وهو توهمٌ مروجٌ له تسويقياً وحتى طبياً - للأسف الشديد - لدى مجموعة من الأطباء، فيما هو أمرٌ غير صحيح!
لذا، فحديث د. المحروس عن ”الترطيب“ يفتقد الدقة العلمية، وعليه فإذا حصل الإنسان على غذاء غني ومتكامل العناصر المعدنية والفيتامينات، فلن يعاني من الجفاف الذي حذر منه أثناء الصيام، وإن كان سيفقد كمية من المعادن أثناء التعرق، لكنها لن تسبب له الإعياء أو الإغماء أو الدوار!
ثانياً، من خلال تجربتي طوال شهر رمضان الفائت، كنت أمارس الرياضة أثناء النهار بشكل دائم، وكان جدولي كالتالي: الجلوس بشكل شبه يومي تحت أشعة الشمس لمدة لا تقل عن نصف ساعة، للحصول على فيتامين د؛ والتمرين في الصالة وأحياناً في القاعة المكشوفة على رفع الأثقال لمدة تتراوح بين 30 و60 دقيقة؛ وتمارين ”المقاومة“ هذه كنت أنجزها بمعدل 3 مرات أسبوعياً، يضاف لها المشي السريع على البحر بين الساعة 10 صباحاً و3 مساءً لمسافة تتراوح بين 6 كلم و8 كلم، بمعدل 3 - 4 مرات أسبوعياً.
تجربتي الشخصية تمت دون أي تعب، بل كنت أشعر فيها بالعنفوان، وأنني قادر على ترويض جسمي وجعله أكثر قدرة على البقاء والنجاة ومواجهة الصعاب، دون إحساسي بأي إرهاق أو عطش.
بالتأكيد كنت أفقد الأملاح أثناء ممارسة الرياضة، لكن برنامجي الغذائي القائم على الدهون النافعة والبروتينات والبعد عن الكربوهيدرات المضرة، وتناولي المعادن الأيونية الضرورية، جعل الرياضة ممكنة جداً، بل جزء من روتيني الرمضاني اليومي الذي لا أشعر بالسعادة دونه!