آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

مشاعر وأعياد ميلاد

ليلى الزاهر *

أرسلتْ رسالة خاطفة لأخيها المغترب في ذكرى ميلاده، كتبت فيها:

أخي اللطيف الحبيب: «أنت لي كالجبل الذي أستند عليه وكيف لي لا أحبك والله قال سنشد عضدك بأخيك»

وقفةٌ جميلة جدًا، تدعو للتأمل!

لقد بعثرت الحياة مشاعرنا، وخفّضت وسائل التواصل منسوب التلاحم الأسريّ لدينا فكانت صحّوة الحبّ عند البعض تشرق مضيئةً لنا بعض الممرات المُغلقة.

تعجبني المناسبات الاجتماعية التي تجدد الطاقات الحياتية وتعمل على إشاعة البهجة والفرح دون تكلف. والمناسبات الأسرية للأسرة الصغيرة فرصة للسعادة تُقذف في قلوب الأبناء ومفادها:

أنّا معك، أحبّك في كلّ أوقاتك.

أنا معك في السرّاء والضراء، في مرضك، وتمام صحتك.

وذكرى ميلاد أحد أفراد الأسرة مناسبة جميلة وأولوية يجب ألا يستهان بها مهما كبُر الإنسان ولكن لا مبرر للمبالغة في أعياد الميلاد، ووضع ميزانية تُثقل كاهل الوالدين، إذ يكفي وجود تيار دافئ من الحب والحنان يغطي قلوب أفراد الأسرة، ويلمّ شمل ما انفرط منهم هنا وهناك.

إنّ من أعظم جالبات الاطمئنان عند الناشئة استشعارهم المتعة والسعادة بين عوائلهم.

فالعائلة المُتماسكة تكفل للفتاة الارتواء العاطفي وتكسر جميع حواجز الحياء والخوف بينها وبين والديها وبقية أفراد أسرتها، فتُصْبح كتابًا مفتوحًا يسهل قراءته، ولا تخفي بجعبتها أسرارًا مُخجِلة.

الفتاة الناشئة في أحضان الحب والمودة في أسرتها تخرج للمجتمع بثقة، نراها قويّة غير هشّة لا تهزمها عواصف المدنيّة الزائفة، تحبّ الخير للجميع، لاتتصيد الهفوات، ولا تشمت بالصديقات.

إنّ العائلة التي تحتفي بعيد ميلاد أو فرحة تَخرُّج هي عائلة تحرص على استيراد جميع أشكال السعادة إلى أجواء أسرتها، وتحرص على الارتباط القوي بين أفرادها، وتدق أجراس التنبيه بأنك وأختك تنصهران في بوتقة واحدة من الحبّ والاتفاق والتعاون.

كلّما أبصرتَ أبناءك يكبرون بحب بعضهم البعض ويحرص أحدهم على تقدير الآخر واحترامه فقد نجحتَ في وضع أبجدياتك الخاصّة في التربية وخرجت بنِتاج جميل من الكفاءة العائلية، وضمنت أن يكون أبناؤك حزمة الحطب التي يُستعصى كسرها.

إنّ أيامنا الجميلة مع أولادنا وبناتنا مرهونة بعدد من السنوات وغدا سوف يغادروننا ويشقّون طرقًا خاصة بهم فليكن للعشاء طعمه الخاص وليكن الغذاء بأطباق فاخرة جميلة غير محصورة على أطباق الضيوف ولنتسابق لإعداد الإفطار الشّهيّ لبعضنا

البعض ونتقصّى أسباب سعادتنا مجتمعين غير مختلفين.

كلّما كبرت ابنتي عامًا تذكرتُ ركضها خلف دروسها واجتهادها في مدرستها وتفوقها في جامعتها، أشمّ رائحة تعبها وجدّها

كنتُ أراها تطلّ برأسها مُنْهَكة تُحاول أن تتوازن ثم تقع ولكن سرعان ما تنهض بقوة.

أعوامًا مديدة ابنتي الكبيرة بعقلك

وكلّ عام وأنتِ قريبة لقلب والدتكِ وأسرتكِ.