آخر تحديث: 21 / 12 / 2024م - 5:28 م

10 أسئلة حول ارتفاع نسبة الفائدة، وأجوبة مبسطة

عبد الله العوامي *

في الأسبوع الماضي انتشر بكثافة خبر ارتفاع نسبة الفائدة التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأمريكي» بمعدل 50 نقطة. كما انتشر أيضا أخبار الارتفاع الملحوظ لأسعار المواد الاستهلاكية في العالم والذي بدأ تدريجيا في الارتفاع خلال فترة الجائحة وإلى يومنا هذا.

في ضوء الخبرين الأساسيين أعلاه، تبادل الناس أسئلة كثيرة في منصات التواصل الاجتماعي بحثا عن إجابات شافية للوضع الاقتصادي الراهن ومخرجاته في بلدانهم.

وحيث إن الوضع الاقتصادي يختلف من بلد إلى آخر سنحاول هنا الإجابة على بعض الأسئلة التي تخص الاقتصاد الأمريكي لاعتباره محركا أساسيا لمعظم الاقتصاديات، ويشكل ربع الإنتاج المحلي في العالم تقريبا، بالإضافة إلى وجود بعض المشتركات التي تجمعه مع اقتصاديات عالمنا في الشرق الأوسط، والأهم من ذلك أن الدولار يعتبر العملة الأكثر تداولا في احتياطيات الدول المتقدمة والناشئة في آن واحد.

ملحوظة هامة: سنبدأ بالأسئلة البسيطة وننتقل تدريجيا إلى الأسئلة المهمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون الإجابات جميعها مبسطة، ويستطيع الشخص العادي والمستثمر المبتدئ أن يفهمها بسهولة.

: ما هو السبب الرئيس لارتفاع سعر الفائدة؟

كبح التضخم.

: ما هو التضخم؟

التضخم هو فقدان القوة الشرائية بمرور الوقت، مما يعني أن قيمة الدولار انخفضت مقابل قيمة المشتريات. يتم التعبير عن التضخم عادةً على أنه التغيير السنوي في أسعار السلع والخدمات اليومية مثل الطعام والأثاث والملابس والنقل والألعاب. بالمختصر المفيد: التضخم يعني ارتفاع الأسعار.

: ما هو سبب التضخم؟

يمكن أن يكون نتيجة لارتفاع طلبات المستهلكين. لكن التضخم يمكن أن يرتفع وينخفض أيضًا بناءً على التطورات التي لا علاقة لها بالظروف الاقتصادية، مثل إنتاج النفط المحدود ومشاكل سلسلة التوريد بالإضافة إلى الأزمات العالمية. بالمختصر المفيد: سبب التضخم هو زيادة الطلب على العرض.

: ما هي أسباب زيادة الطلب على العرض؟

هناك أسباب كثيرة داخلية منها وخارجية، وهي مثلا وليس حصرا في التالي:

الأسباب الداخلية:

1. توفر السيولة بسبب حزمة تحفيزات الجائحة للشركات الأمريكية.

2. توفر السيولة أيضا بسبب حزمة تحفيزات الجائحة للأسر في أمريكا.

3. توفر السيولة من البنوك للشركات والأفراد بسبب انخفاض نسبة الفائدة.

4. توفر السيولة أيضا للأسر في أمريكا بسبب تدني البطالة.

الأسباب الخارجية «ساهمت كثيرا في انخفاض العرض»:

1. ارتفاع سعر البترول بسبب حظر البترول الروسي.

2. ارتفاع بعض السلع لصعوبة استيراد المنتجات الأوكرانية والروسية.

: ما هي الأهداف لزيادة نسبة الفائدة؟

• تغيير سلوكيات المستهلك للحد من الإنفاق والحث على التوفير، واستقرار الأسعار.

• ارتفاع في تكلفة القروض مما يؤثر على تباطؤ حركة النمو الاقتصادي ويحد من توسع الشركات وطلبات التوظيف، مع المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي.

: هل هناك ارتفاع قادم لنسبة الفائدة؟

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي سعر نسبة الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في منتصف مارس 2022م حيث اتخذ صناع السياسة أول خطوة حاسمة نحو محاولة ترويض التضخم السريع عن طريق زيادة تكاليف الاقتراض. ثم قام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة ثانية بمقدار نصف نقطة مئوية في أوائل شهر مايو الحالي 2022م

للمعلومية، أبقى مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار نسبة الفائدة بالقرب من الصفر منذ مارس 2020م بسبب جائحة كوفيد - 19 الذي زعزع جميع اقتصاديات العالم بما فيهم الاقتصاد الأمريكي. وتعتبر هذه القرارات في زيادة أسعار نسبة الفائدة هي الأولى منذ عام 2018م. كما يتوقع صانعو السياسة تحركات أخرى مماثلة في رفع نسبة الفائدة على مدار هذا العام 2022م، حيث وصل التضخم إلى أعلى مستوى خلال 40 عاما.

إن تصدي البنك المركزي «الاحتياطي الفيدرالي» على ارتفاع الأسعار سيجبر السوق على تحقيق توازن دقيق وهذا يعكس محاولة صانعو السياسة إبطاء الاقتصاد بما يكفي لتهدئة الطلب والسماح لضغوط الأسعار بالاعتدال تدريجيا لتفادي الغرق في الركود.

: ما هو تأثير هذا الارتفاع على الأسهم؟

عادة ما يتسبب التضخم السريع في مشاكل للأسهم. ومن المعروف تاريخيا إن أداء الأصول المالية بشكل عام سيئاً خلال فترات ارتفاع التضخم، بينما تحافظ الأصول الملموسة مثل المنازل على قيمتها بشكل أفضل. في هذه الحالة، سوف تتأثر قيمة الأسهم على المدى القصير وخاصة تلك التي لا توزع أرباحا دورية، ولكن المؤكد أن الشركات التي توزع أرباحا منتظمة لن تتأثر كثيرا. وقد يعود سوق الأسهم في الارتفاع تدريجيا بعد استقرار الوضع الاقتصادي. والسبب الرئيس لعودة سوق الأسهم هو استمرار معظم الشركات في جني الأرباح.

: ما هو تأثير هذا الارتفاع على الذهب؟

هناك قول مشهور مفاده أن ارتفاع نسبة الفائدة هو ”العدو الطبيعي“ لسعر الذهب. واستمرار ارتفاع نسبة الفائدة لن يحفز المستثمرين لشراء الذهب لأنه لا يوجد لديه عائدات، مما سيؤدي إلى انخفاض سعره. وقد يعود ثانية للارتفاع والاستقرار عند تحسن الوضع الاقتصادي.

: ما هو تأثير الزيادة على المستوى المالي الشخصي؟

• ارتفاع نسبة الفائدة على القروض السكنية والشخصية.

• ارتفاع نسبة الفائدة على بطاقات الائتمان.

• انتعاش حسابات التوفير والودائع.

: ما هو تأثير هذا الارتفاع على من يتعامل بالدولار؟

مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس سعر الدولار مقابل ست عملات مهمة أخرى، يحوم عند مستويات لم يصل إليها منذ 20 عامًا. ارتفعت قيمة الدولار بنسبة 8 في المائة منذ بداية العالم الحالي 2022م؛ كما ارتفعت قيمة الدولار بنسبة 14 في المائة في الأشهر الاثني عشر الماضية.

ارتفاع قيمة الدولار يجعل الواردات الأمريكية أرخص والصادرات أقل قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية. وبما أن التضخم يعني انخفاض القوة الشرائية للدولار، فان التضخم يسبب في وفرة للدولار نقدا في التداول عالميًا. وعند ارتفاع نسبة الفائدة يقوم البنك المركزي بتقليل تداول النقد، ولذلك يرتفع سعر الدولار، تزيد البطالة، وينخفض التضخم.

المتضررون من رفع قيمة الدولار هم:

• الدول المقترضة بالدولار لسد عجز الميزانية.

• الأسواق الناشئة، حيث تهاجر العملات الصعبة ويصبح الضغط على العملة المحلية مما يسبب في وقف أو تراجع النمو.

• المستهلكين في الأسواق التي تعتمد على الاستيراد أكثر من التصدير.

من ضوء ما تقدم، يلعب توفر السيولة دورا أساسيا في نمو وازدهار الاقتصاد وتحسن الوضع المعيشي لانخفاض مستوى البطالة. ولكن توفرها بكثرة تزيد من القوة الشرائية مما يسبب في انخفاض العرض مقابل الطلب وترتفع عندها الأسعار إلى مستويات قياسية أحيانا وتلحظ بوضوح خطر التضخم يداهم منتجات الأسواق الناشئة منها والمتقدمة.

لذلك يسعى صانعوا السياسات النقدية والمالية إلى التدخل بين فترة وأخرى للمحافظة على استقرار الأسواق وعدم الانجرار إلى التضخم أو الركود، وهذه معادلة صعبة لا تخلو من أضرار بسيطة هنا وخسائر كثيرة هناك.

وتبقى إدارة سيكولوجية المستهلك عنوانا رئيسا لصانعي القرار في شتى مسائل الاقتصاد الأساسية، بدأ من توفر السلع، انخفاض البطالة، تحسين البنية التحتية، انخفاض الأسعار، إدارة التضخم، الابتعاد عن الركود، انتعاش البورصة وغير ذلك. وعندما ينجح صانع القرار في إدارة المستهلك سوف يحظى الحزب الحاكم بصوته في الانتخابات القادمة، والعكس صحيح، حيث صوته سوف يذهب للحزب المعارض والذي لم يعمل شيئا لابتعاده عن دائرة القرار. ومن ثم ستعود الدورة ثانية في إدارة سيكولوجية المستهلك عندما يتسنم الحزب الجديد مقاليد الحكم.

الموضوع متوفر في المدونة عبر نقر الرابط التالي:
https://awamispaces.net/archives/894