أجمل تحايا العيدِ أصدقها!!
لم أستطع أن أجد عنوانًا لهذه الحلقة - الأخيرة - من شهرِ رمضان أبسط من الدعوة التي نقولها في يومِ العيد ”كلُّ عامٍ وأنتم بخير، تقبل الله منَّا ومنكم“. بعض الدعوات بسيطة جدًّا إلا أنها دعوات صادقة وخالصة من أعماقِ القلب.
أجمل التحايا وأصدقها لكم أنتم، القرَّاء الكرام، ولعيالكم ولمن تحبون. تصاحبنا شهرًا كاملًا، عرفنا بعضنا من خلفِ القلمِ والحروف، وكنتم مدادًا وفكرًا لما كتبت. فإذا اضمحلَّت من الدنيا آثارُنا وزالَ ظلّنا، بقي نورُ الصحبةِ والمحبَّة، يهدي من يأتي بعدنا!
لا تحتاجوا عدَّ اللّيالي والأيَّام، العيدُ جاءَ فاستقبلوه. اليوم ينجح أناسٌ ويفشل آخرون، وأنتم إن شاء الله من الناجحين ومن أصحابِ الدرجاتِ الرفيعة. شرفٌ عظيمٌ أن يختصَّنا الله بيومِ عيد، يُحسن فيه ضيافتنا بعد شهرٍ من طاعته في صومِ رمضان.
في كلِّ سنةٍ ننتظر هذا العيد من أجل أن تتعاظمَ فيه أفراحنا وتتصاغر أحزاننا. ننتظره عيدًا لنا ولمحَّمدٍ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ ذخرًا وشرفًا وكرامةً ومزيدَا. كلُّ شيء يذهب ويختفي إلا الذكريات الجميلة التي حملناها في الأعياد، من فرحٍ واغتِباط. كلّ واحدٍ أو واحدة منّا عنده ذكريات من ضحكاتِ الصغار وأحاديثِ الكبار، ربما عمرها خمسون سنةً أو أكثر، لكنها تبقى غضَّة طريَّة، تتجدد كلَّ عيد!
يقول النحاة أن العيد مشتقّ من العود! لكن العيد أيضًا، فسحة فيها يعودُ النَّاسُ بعضهم بعضًا، فسحة يعود فيها الغائبُ إلى وطنه، فسحة يعود الحزينُ فرحًا، فسحة يعود فيها المحسنون على الضعفاءِ بالجودِ والعطاء، وفسحة يعود اللهُ فيها علينا كلنا بالرحمات.
الحمد لله على أجملِ أحواله، أطفالنا يضحكون وكم في الدنيا من طفلٍ مكروبٍ محزون؟ محتاجونا يتحنن المؤمنون الكرماءُ عليهم، وكم من فقيرٍ يكابد ليس عنده طعام؟ كم في الدنيا من غريبٍ محتار كيف يعود إلى أهلهِ ووطنه؟ كم وكم؟ ونحن في سلامة، خلوٌ من ذلكَ كلِّه!
لعلَّ عيدًا يأتي على النَّاس يُسَرّون فيه كلهم، لا يحزنون ولا يجوعون، في طمأنينةٍ وراحة! وحتى يأتي ذلك اليوم يبقى الفرحُ والترح في دنيانا توأمانِ لا ينفصلان. الرجاء من الله أن يكون الفرح، في هذا العيد، أعظم وأعمّ من الغمِّ والترح.