آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

استهلكَ حتى هلكْ..!

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

كل ما حولنا يدفعنا للاستهلاك، هذه الكلمة التي أصبحت جزءاً أساسياً من حياتنا، فنحن نستهلك الماديات، والوقت، والأمكنة، والكلمات، وكل شيء يمر بنا.

يا ترى ما الدافع وراء محاولتنا استهلاك كل شيء بطريقة وأسلوب أشبه ما يكونان ب ”استهلاك سلبي“؟ أتفق معك عزيزي القارئ على أننا نعيش في عصر أصبحت فيه الثقافة الاستهلاكية أسلوب حياة، لقد فقدنا الاتصال بما هو مهم حقًا في حياتنا، وأصبح الكثير منا أكثر سطحية في التعامل مع ما حوله ولا يُقدّر ما يملك، حيث كل ما نمتلكه ونسعى لامتلاكه غالباً لا يجلب لنا السعادة الحقيقية، فلم تكن الحياة يوماً متشابهة إلا أننا صنعنا - نحن - هذا التشابه لأننا نستهلك حياتنا بشكل يتشابه مع الآخرين ربما خوفاً من الاختلاف أو النقد، وتراتبية هذا التشابه تدفعني إلى الأخذ بجدية كل ما يمر بي، فليس عبثاً أن تمر بنا كل هذه السلوكيات في الاستهلاك بعشوائيتها ونتركها تعبر، فهي أشياء تبعث على التشاؤم أحياناً وتخبرنا أننا مازلنا نبحث عن مكمن السر في كل ما حولنا، الأكيد أن الأسباب التي تجعلنا نشعر بأن الناس من حولنا أصبحوا مهووسين بالممتلكات المادية هي رغبتهم في تحسين صورتهم الذاتية، فالممتلكات المادية تعزز مكانتهم الاجتماعية، ولا يمكن أن نهمل المنافسة بين العائلة والأصدقاء والأقران، فالتسوق وشراء الأشياء أشياء مشوقة وتجلب المتعة والفخر أحياناً، وفكرة أن الممتلكات هي بريد السعادة لهم هي فكرة بنت الإعلانات التلفزيونية، والآن أتحدث عن وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك تأثير الأسرة والموجهين والبيئة خلال السنوات الأولى.

ولكن ما الحل يا ترى للخروج من مأزق الاستهلاك؟ ربما يمكنك تجنب ذلك من خلال التركيز ببساطة على الخبرات بدلاً من المنتجات المادية لأن ذلك يجعل الإنسان سعيداً أكثر وتقديره لذاته على المدى الطويل أعلى. عامل التأثير أيضاً، حيث الإعلانات تحيط بنا من كل جهة في وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك حاول قضاء وقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يوضح مدى اعتمادنا على الآخرين لإسعادنا، وهو أمر غير صحي على الإطلاق، وكذلك حاول متابعة أنشطة، مثل: الرسم أو الكتابة أو تعلم مهارة جديدة بدلاً من مواكبة أي شخص آخر على Instagram وFacebook.

ولا بد أن تعي أن الحياة لا تدور حول عدد ”الإعجابات“ التي تحصل عليها على Instagram. فالناس يصورون أنفسهم باستمرار على أنهم مثاليون على وسائل التواصل الاجتماعي بينما من الواضح أن هذا ليس هو الحال! لا تنغمس في الثقافة الاستهلاكية لأن ذلك سيجعل حياتك أكثر تعقيدًا، وتجعلك أقل سعادة.