آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

العيد... والتواصل الاجتماعي

سامي آل مرزوق *

تُنشط الأعياد حركة التواصل الاجتماعي وتزيد في أواصر المحبة والمودة بين الأهل والأصدقاء والجيران، العيد كلمة رقيقة وجميلة تعني المصافحة الحارة والمعانقة التي تذيب الحواجز وتطوي المسافات وتزيل الحدود، العيد عبارة عن القلوب التي تتعلم كيف تصفح وتتعلم كيف تحمل معاني الإيجابية وتتعلم كيف تنسى وكيف تنسى النسيان نفسه، هو الروح التي تضمنا جميعاً وتذكرنا بالإخاء والمحبة والوحدة، ففيه مظاهر الفرح الكثير مختلطاً بالروح الإيمانية العابقة من روح شهر رمضان المبارك، هو فرحة الأطفال وبسمتهم العفوية والتي نتعلم منها كيف نفرح بعفوية وبساطة وبراءة ونبتسم.

نعود بالذكرى لأيام الطفولة كون آبائنا وأمهاتنا كانوا معنيين بشراء ملابس العيد لنا، وإعدادنا لهذا اليوم المرتقب وتجربة ما اقتنيناه من ملابس العيد فرحين بما هو جديد وكيف سيكون مظهرنا به، كذلك تفعل أخواتنا البنات فالمظهر الحسن يوم العيد يتطلب أخذ رأي الأهل فيما نلبس لتلافي النقص.

بيوتنا كذلك تستعد ليوم العيد بشراء أنواع الحلويات وإعداد الشاي والقهوة والأطعمة الشعبية بأنواعها كالعصيد والخبيص والجريش، والبلاليط والبيض لاستقبال الأهل والأصدقاء والزوار، كما كان ماء الورد والعطر والبخور في استقبالهم وتوديعهم، وللأطفال فرحة أخرى بالعيدية التي تم جمعها من الأهل والأصدقاء آخر اليوم، فهي حصيلة تبقى ذكرها لا تنسى.

وللعيد فرحة جَمعة الأهل على وليمة العيد للغداء بهذا اليوم السعيد فرحين جميعاً تعلوهم الابتسامة والسعادة فرحاً واستبشاراً، ودائماً ما كان يخصص جزاءً من غداء العيد لتوزيعه على الجيران، وهي من العادات القديمة التي اندثرت أو قلما نجدها بوقتنا الحاضر.

ولأمواتنا من الأهل والجيران والأصدقاء نصيباً من العيد كذلك بزيارة المقابر والسلام عليهم وقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم، والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة، هي مشاركة وجدانية واجبة تٌسعد من تلتقي بهم من أهل المتوفى، حيث ترى السعادة على وجوههم بعد المشاركة بالواجب نحو موتاهم، وكيف يكون العيد عيداً إن لم تتحقق هذه المشاركة بإسعاد المحتاجين إسعاداً صادقاً لا يشوبه المن أو يخالطه الرياء وبتفقد من أقعدهم المرض أو أية معاناة أليمة، بالكلمة الطيبة والمشاعر الصادقة تفتح باب الأمل والرجاء.

فمناسبة العيد فرصة لمد اليد والتسامح والعفو مع من قصر لإنهاء القطيعة بين ذوي القربى والرحم أو بين الأصدقاء، فما أطيب الإحسان للمسيء والتجاوز عن المخطئ والتسامح مع المقصر في مناسبة كهذه لعل الله يغير ما بأنفسنا، فرمضان شهر الخير والبركة والرحمة شهر الدعاء والقرآن، شهر التصدق شهر الصبر والتحمل تُصفد فيه الشياطين، يَشعر العبد فيه بالتقوى والخِشية من الله سُبحانه وتعالى، والشعور بالآخرين من الفقراء والمحتاجين للوصول للرضا النفسي والتكامل والتكافل الاجتماعي، فلنجعل ما بعده امتدادا للصوم عن كل ما ينبغي الصوم عنه في دنيا التعامل مع النفس والآخرين ومع الله سُبحانه.

سيغادرنا شهر رمضان الكريم بمشاهدة الإيمانية الرائعة، بصفاء النفس والمظهر فقد رُسمت فيه صور وأحداث إنسانية جميلة تسابق فيه أُناس لحصد الحسنات من الأعمال الخيرية الطيبة ومساعدة الآخرين، لتكون مثالاً يقتدى به في أيامنا القادمة، ولا تتوقف مع نهاية الشهر الفضيل، فالروحانية في حقيقتها تتطلع إلى الله وإلى ما يرضيه وما لا يرضيه قبل العيد وبعده.