الكاتب الشعلة: في رمضان حملتُ جثة.. واعتزلت صيد السمك ”وأنا في القمة“
كشف الكاتب فاضل الشعلة بأنه حمل جثة شاب متوفٍ في شهر رمضان بعد أن وجدها ذات يوم في أحد الشواطي بالقطيف، مضيفاً بأنه اغتسل غسل الميت لأول مرة بعد تلك الحادثة.
وفي لقاء مفعم بالذكريات، قال الشعلة أن لكلٍّ رمضانُه، فرمضانه وهو صبي يختلف عن رمضانه الحالي، قائلاً ”الحنين يبقى دائما للذي لم يبقَ“.
الكاتب الشعلة الذي غمز لجهة اعتزاله صيد السمك وهو في القمة، تمنى أن يأخذ الجميع مسألة الاختلاف في تحديد هلال العيد بروح علمية ورياضية.
فإلى نص الحوار...
بطاقة تعريفية؟
فاضل الشعلة، قطيفي من جهة والدي السيد جعفر، وأحسائي من جهة والدتي أنيسة الموسى التي استقر بها والدها سليمان ”الصاغة“ مع أسرته في القطيف. ولأني من الموحدِّين اكتفيت بابنٍ واحدٍ سمَّيته ”مهدي“.
درَستُ في جامعة البترول لسنة ونصف ثم دعتني جامعة الملك سعود بالرياض فلبّيتُ دعوتها وأهدتني تخصص اللغة العربية.
ما يمثل لكم رمضان في الذاكرة الزمنية؟
الإجابة في ثنايا ما يلي من إجابات.
ما هي المواقف الرمضانية العالقة في الذاكرة حتى الآن؟
في الصباحات كنا نودّع المساجد مع دعاء الصباح ودعاء العهد لتستقبلنا ملاعب كرة القدم وكرة الطائرة، نعود بعدها إلى منازلنا عطاشى جسديا لكنَّا مرتوون نفسيا.
في الليالي وفي عدة سنوات كانت لنا مع ”الشباب“ صولات وجولات مع البرامج الرمضانية النشطة حينذاك، مساجد وحسينيات عديدة تتنافس ببرنامجها الخاص؛ ولتكاثرها وتنوّعها تقع في حيرة الاختيار، تضطر أن تضع لك جدولك الخاص، وأكثر ما أتذكره محاضرات الدكتور عبد الهادي الفضلي عليه رحمة الله.
ورغم تصنيفي لنفسي بأني من أصحاب الذاكرة المثقوبة إلا أن موقفًا رسخ في ذاكرتي: كنت في صباحٍ رمضاني مع بعض الأقرباء والأصدقاء نتمشى في الكورنيش، وفي الأثناء رأينا أحدهم يلهث وقد اعترته الرجفة، سألته عن السبب فأشار تجاه مكان ما، توجهنا إلى الموقع فوجدنا جثة شاب متصلبة ترتطم بالصخور بفعل الموج.
تواصلنا مع الجهات الرسمية إلى أن جاء خفر السواحل، نزلتُ إلى البحر وحملتُ معهم الجثة إلى القارب، كانت تلك المرة الوحيدة التي اغتسلت فيها غسلَ الميّت.
اخبار سارة حدثت لكم في رمضان؟
رمضان بحد ذاته سرور.
باعتباركم كاتبا هل يؤثر شهر رمضان على عادات الكتابة عندك؟
بعض الكتابات تطلبني وبعضها أطلبها، الأولى ما يرتبط بكتابة السيناريوهات خصوصا التي ينبغي تنفيذها، أما التي أطلبها فبعض المقالات والقصاصات الخاصة بي، وجميع هذه الكتابات - بالنسبة لي - لا تختلف طقوسها سواء في رمضان أو غيره.
هل اختلفت الأجواء الرمضانية عن السابق كثيرا؟
أستعير مقولة الصديق أثير السادة في لقائه معكم ”لا شيء يبقى على حاله، نحن اختلفنا وليس رمضان“، وهنا أُكمل بأن شهر رمضان وعاء نملؤه بما نشاء، فلكلٍّ رمضانُه، وحتى رمضاني وأنا صبي يختلف عن رمضاني الحالي، والحنين يبقى دائما للذي لم يبقَ.
ما تحمل من ذكريات الطفولة في شهر رمضان؟
كنت أسكن في المنطقة الخامسة قريبا من البحر، في عصريات رمضان ترى مجموعة من الصبية يتصافحون مع البحر ”بجلَّاتهم“ فالسنَّارات حينها أكبر منَّا، كنت معهم برفقة أخي الأكبر سيد هاني محاولين خداع الأسماك بالخدعة الأزلية، خدعة ”الطُعْم“ لنستخرج من البحر ما يجود به علينا، وكثيرا ما جاد علينا ب ”الزمارير“ أقل الأسماك حظا. بعضنا يضع مجدارين مع ”طُعمين“ والمحظوظ من فاز بسمكتين في ”سحبة“ واحدة. إحدى المرات كنت من المحظوظين ويبدو من إعجابي بنفسي أنني من حينها اعتزلتُ صيد السمك من باب أن تعتزل وأنت في قمة إنجازك!
هل صمت خارج الوطن وكيف وجدتم الأجواء الرمضانية في الخارج قياسا على البلد؟
هنا سأعود للاستعارة مجددا، سأستعير مصطلح ”الغربة“ من الصديق حبيب المعاتيق، الغربة التي كلما حاولتَ الاعتياد عليها جاءك رمضان ليعيدك خطوتك الأولى، وما إن يخرج رمضان حتى يأتيك ذو الحجة ممارسا الدور نفسه، يتوالى شريط الحج أمامك أنت الذي كنتَ مع حملتك مرافقًا للحجاج كلّ عام.
من هم الأحباب الذين يحضرون في الذاكرة بمجرد دخول رمضان؟
أحبابنا الراحلون لهم الحظوة دائما، يمتطون صهوة رمضان ولا يترجَّلون منه إلا وقد حُمِّلوا بهدايانا. رمضان كله لهم عيد.
ما هي الوجبات الرئيسية المفضلة على المائدة الرمضانية؟
مع مرور الأيام تتساوى الأطباق، لكن في البدايات أفضّل ”الفريد“ وعلى رواية ”الثريد“، إضافة إلى السمبوسة مع قيد مهم ”بالجبن“.
هل تخصص وقتا للجانب الاجتماعي والعائلي في شهر رمضان؟
هذا العام وبعد انقطاع عدة سنوات بسبب الغربة وكورونا بدأت أسترجع تلك الاجتماعات خصوصا الإفطار الجماعي سواء العائلي أو مع الأصدقاء إضافة إلى حضور بعض البرامج والاستضافات، ومع ذلك تعتبر خطوة خجولة مقارنة بخطوات ما مضى من أعوام حيث كنت سنويا أقيم حفل إفطار جماعي كبير في المنزل يجتمع فيه الأقرباء والأصدقاء.
هل تفضل الإفطار مع الأسرة الصغيرة أو العائلة الكبيرة؟
القاعدة مع أسرتي الصغيرة، يتخللها إفطارات من هنا وهناك.
كلمة أخيرة
يُحتمل بأن العيد هذا العام عيدان، أتمنى أن نأخذ هذا الاختلاف بروح علمية ورياضية، وكل عام وأنتم ومن تحبون بخير وعافية.