قصة غَريبة
غالبا ما كنت أحدث نفسي: سيزول القلق.. وستأتي الراحة، بعد هذا الكم من العناء والتعب..
سيعوضك الله كثيرا عن توتر المشاعر واضطراب الأمل بكل ما هو جميل..
فمنذ مغادرة العاملة المنزلية لبلدها على أنها إجازة وستعود، إلا أن الدولة أنهت العقود مع بلدها، مما اضطرني لطلب عاملة من دولة أخرى، والحمد لله كتبت شروطي وحققت كل شروط العاملة من خارطة للمسكن وخارطة للطريق المؤدي للمسكن ونبذة عن كل فرد من الأسرة.. الخ
وجدت أن هذه الطلبات غريبة إلا أن صاحب المكتب أكد أن هذه إجراءات لا بد منها فرضتها دولتهم وعلينا الانصياع لها وافقت على مضض وتم إرسال المطلوب، ومرت الأيام والأسابيع كانها سنين وأعمال المنزل والاطفال والدوام تتزايد على رأسي إلا أن الأمل في الغد يزداد، وما كنت أملك إلا الدعاء
«إنَّ الهُمُومَ تَعَاظَمَت، هَل تُفرَجُ؟..
والقَلبُ مُنطَفِئٌ فَأنَّىٰ يُسرَجُ..
حَتَّىٰ الحُرُوفَ تَمَنَّعَت لا تُلهِجُ،..
رَبَّاهُ غَوثَك، هَل لِهَذَا مَخرَجُ!.»
الحمد لله أتفاجأ باتصال لزوجي وانا في الدوام ليخبرني بقدوم العاملة وأنه في طريقه للمطار ليأخذها للمنزل.
نعم انقشعت الغيمة السوداء وسيخف العبء عني لم أشعر بضغوط العمل وكل ما أفكر به هو وصول العاملة وبين كل عشر دقائق اتصال حتى اطمئن على وصولها..
لقد وصلت وهي الآن في الملحق وأخذت جولة على مرافق المنزل وبعد أن ارتاحت صعدت للملحق لتستحم وتنام!
ألف شكر لله، لا تَجعل هَما واحداً..، يُنسيك ألفَاً مِن النِعم.
العديد من الاتصالات لزوجي اطمئن على العاملة وهل هي حسب المواصفات المطلوبة «متعلمة، نظيفة، شكلها مقبول، عمرها بين 25-40، مسلمة».
أخيرا انتهى الدوام لكي أعود للمنزل وارى المنقذة لي، وادخل باب الصالة مسرعة لكي أراها وإذا بابني يحدثني ماما العاملة نائمة بعد أن استحمت وأكلت قالت لي لا أحد يوقظني.
قلت لا بأس يوم ونصف تتنقل بين المطارات فهي تعبة دعها تنام.
وواصلت عملي اليومي ثم ذهبت لغرفتي لآخذ قسطا من الراحة وكانت أهنئ نومة بعد أشهر من العناء والمشقة …
وإذا بأمر جلل يعكر صفو هذه النومة، طرق مدوي على الباب قمت فزعة لا أعلم ماذا حدث! وافتح الباب وأتفاجأ بالعاملة أمامي كدت أقع من هول ما رأيت ولا شرط ينطبق عليها من طولها لا أعرف كيف انظر لها ولم أرى امرأة بقبح نحافتها وليس بها من حسن المظهر ولا شعرة، دقات قلبي في رجلي لساني انعقد وهي تصرخ بوجهي وتقول: مدام جيب شغالة للدور الأول وأنت اشتغل في الدور الثاني وأنا أنظف الملحق في الأعلى لاني تعبانة وبيت أنت كبير!
بغينا خدامة بغتنا خدم عندها يا فرحة ما تمت،
تمالكت نفسي هل أضحك أم أبكي لم يمضي عليها إلا ساعات وأول لقاء لي بها، كيف أصبح العاملات بهذه الوقاحة؟ هي عاملة واتي لها بعاملة تقوم بعملها لا وبعد تأمرني بالخدمة في الدور الثاني أما هي فتكون بالملحق إذاً أي زمن نحن نعيش!!!!
يا رب من ضيق الحياة مسنا الضر ** وتكالبت يا رب علينا المصايب
لم أشعر إلا وأنا أصرخ بوجهها: اغربي عن وجهي ليتني لم أراك، كم أنت قبيحة التصرف والشكل لن اسمح بوجودكِ عندي، ضحكت وقالت: لم أرفض العمل لذا أعطني راتب سنتين حسب العقد..
أصبحنا في آخر الزمان، عاملة أول يوم لها تهاجم صاحبة المنزل!!
اتصال لصاحب المكتب وإخباره استنكر الأمر وقال: هي لا تتحدث العربية وهي غير مسلمة وأول مرة تأتي للمملكة، حتى مع تأكيد زوجي للأمر لأنه حضر إثر صراخي عليها وأخبرته بما قالت لي غير أنها وبمنتهى القبح أعادت الكلام لزوجي.
قال صاحب المكتب جيبها نشوف كلامكم وهو متهكم ويقول مستحيل هذا حدث.
غرابة القصة في المكتب وهناك عدد من المراجعين عندما جلستْ أمام صاحب المكتب عملت نفسها بريئة لم تفهم ولا كلمة مما قاله لها وكأني أشاهد مسرحية فقال صاحب المكتب: شفتوا قلت لكم ما تتكلم عربي ولا تفهم شيء...
فما وجدت نفسي إلا واخرج الجوال من حقيبتي وقلت له الحمد لله أن ابنتي سجلت فيديو كل الحادثة والآن سترى صورة وصوت! وطبعا لم يتم تسجيل ولا شيء ولكن كان اختبار للعاملة! فما كان منها إلا أن قامت من على الكرسي وصرخت بوجه صاحب المكتب وقالت نعم قلت وأنا مصرة لازم يجيبوا شغالة تاني ونقسم المنزل بيننا الثلاث وأنا أكون في الملحق انظفه واسكن فيه.
ضحك الجميع غرابة من الأمر، واعتذر صاحب المكتب منا وقال هذي أول مرة تصير معنا، خلاص خلوها بنرجعها لأنها بضاعة فاسدة!!!
بعنا الصبر من شان تحقيق الآمال *** وأثر الأمل مربوط في طول صبره.
وقلت:
ما شفت مثلك في البشر حد ثاني
انتي الوحيدة اللّي كل شيء شانك
كرهت اسمك يوم اسمع أحد يناديك
قصة غريبة ما سمعت بها في منامي، فهذا اليوم من ضمن الأيام التي أتمنى لو أنني لم أعشها، بداخلي بكاء صامت سكن فيني فأوجعني.
لذا نصيحة: حتى لا يحدث لكم ما حدث لي انتقوا مكتب الاستقدام جيدا، وتأكدوا أن الشروط المطلوبة مستوفية وكما يضعون شروط جزائية على الإخلال بالعقد أنتم ضعوا شروطكم وأصروا عليها والعقد شريعة المتعاقدين.
وكل عام وأنتم بخير وربي يتقبل طاعتكم، ويقضي حاجاتكم وينعاد عليكم باليمن والبركات.
