آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

تراجع حضارة

عبد الرزاق الكوي

رب ضارة نافعة رغم قساوة الأضرار السابقة والحاضرة على المستوى العالمي بأن القادم بإذن الله تعالى أن يكون خير للبشرية المعذبة، وما تتعرض له من جرائم تصل للإبادة الجماعية في كثير من الأماكن، وهذا الضرر لا يقدر ولا يعوض أرواح بريئة قتلت، وبلاد دمرت، كانت الكراهية المفرطة هي الواقع على الأرض، لا حسيب ولا رقيب يقف خلف هذا الطوفان الجارف من الأحقاد، رغم تلقى من يقف وراء هذا الفعل العديد من الهزائم رغم محدوديتها وبساطتها كانت مؤثرة وكذلك الرفض المتنامي الذي أفشل بعض تلك المخططات وتراجعها، لو نجحت مثل تلك المخططات الماكرة في كثير من بلدان العالم لأصبحت تلك القوى المسيطرة أكثر شراسة وظلم، والهيمنة على مقاليد الاقتصاد العالمي وإشباع النهم المادي الرأسمالي المتنامي، والمثل القائل «كثِر الدّق يفك اللّحام»، هو ما يشاهد في التطور على الساحة الدولية وبداية أفول وتراجع قوى الكراهية، والأحداث على الساحة الأوكرانية خير شاهد بتراجعها وكف الأذى المتواصل عن العالم، والزمن بدأ بالتغير وفقدت البشرية الثقة والمصداقية في قطب أو مجموعة أقطاب تنتهك سيادة العالم والمواثيق الدولية.

أوكرانيا التي أعطتها القوى الكبرى الشمس في يد والقمر في يد تترك وحيده لعدم قدرة تلك القوى بالدفاع عنها، مجرد إرسال أسلحة من أجل الاستنزاف العسكري وانهاك اقتصاد دولة تكون هدف لتلك الأطماع، وهذا ما قامت به تلك القوى في كثير من أرجاء العالم، لكن الواقع بدأ في التراجع وبداية الانهزام وتراجعها.

شبع العالم واكتوى بنيرانها والاحتكار والنفعية والاستغلال لثرواته، كراهية تعشش في العقول، هذا ما حدث في الوقت المعاصر وهو امتداد لتاريخ حافل بالإرهاب الدولي الذي هو أشد فتكا من عصابات الإرهاب المنتشر قتلى الإرهابيين رغم خطره وقساوته لا يقارن بإرهاب دولة، تتباكى تلك القوى العظمى على بلد بحجة حقوق الإنسان فتدمرها، تحزن على واقع دولة كثر فيها الارهابين فتهدم عن بكرة أبيها ويعود ذلك البلد للقرون الوسطى، قلبه الحنون أشفق على شعب من ديكتاتوريته فلم يسلم حجر أو بشر وبقى الدكتاتور، كل ذلك صناعة تفنن فيها إعلاميا وحبك خيوطها سياسيا ونفذها عسكريا، فمن حروبهم العالمية الأولى والثانية الذي راح ضحيتها ما يقارب مائة مليون نسمة يسيرون على هذا النهج مع كل مخالف سواء في داخل بلدانهم أو خارجها إلى كافة دول العالم.

اليوم يبرز للعلن رفض عالمي لهذه المشاريع، فإذا كانت مواجهة القوى العظمى سابقا مع بلدان ضعيفة رغم ذلك انهزمت وخرجت دليلة وما ما فعلته من بطولات هو القتل والتدمير، فالمواجهة في الوقت المعاصر تنبأ بالكثير من التطورات بهزائم أكبر وتقوض مثل تلك التوجهات، وأفول حضارة تجبرت واستكبرت بدأت بالتراجع والانحدار والتقوقع، بعد ما أصبح في رقابهم مئات الملايين من القتلى، ومثلهم من الضحايا على اختلاف مصائبهم وفواجعهم.

العالم على أمل بحياة أفضل يسوده التفاهم والأقطاب المتعددة والتفاهمات المشتركة، بعد زمن من التوحش والمظلوميات التي سادت العالم وبدأت بوادر الهزيمة، ابتكرت تلك القوى شتى الوسائل الماكرة، تتهم بكل شر من أوبئة إلى مشاكل اقتصادية وأمنية وغيرها، أسلوبها قوض قوتها وجنون العظمى أعمى عينها وافقدها مكانتها، كل ما ضعفت ازدادت عنفا ووحشية، وفي الواقع تراجعا على كافة الأصعدة، أصبحت قوتها العسكرية نمرا من ورق في ظل قوى أخرى تملك زمام الأمور في في زمن ليس القوى العسكرية صاحبة القرار، برزت قوى أخرى اقتصادية وفي مجالات تكنولوجية وغيرها من التطور الملموس في كثير من المجالات الحساسة.

المنافس يدخل الساحة العالمية بقوة وأهداف مرسومة تأخد السبق في التقدم وتخطط لمجتمعات أفضل تصعب مواجهتها وليس كما سبقها من مواجهات هذه المستجدات مع التآكل داخليا سيدفعها للأفول والتراجع، فقد هزمت في ساحات العراق وأفغانستان والصومال وأمريكا الاتينيه، والقادم لا يبشر بخير لتلك القوى.