في يوم شهادة عليّ (ع) اعتنوا بالآباء!
أنا وعليّ أبوا هذه الأمة، أنا وعليّ موليا هذه الأمة!
اعتنوا بآبائكم! الأب عزّ وهيبة ودلال وتاج رأس. إذا غابَ أو ماتَ عنكم صرتم مثل عشبة الربيع انكشفت تحت وهجِ الشمس. الأب قدوة وقوَّة وسند وكتف وصديق في السعة والضّيق. الأب أمان وعطف وحنان، اسألوا من ماتَ أبوهم!
أطالَ الله في أعمارِ الآباء، إذا مات شابَ شعرُ أولاده وبناته وإن كانوا شبَّانًا! في ساعات وفاة عليّ 
أقبلت زينب وأم كلثوم حتى جلستا معه على فراشه، وأقبلتا تندبانه وتقولان: يا أبتاه من للصغيرِ حتى يكبر؟ ومن للكبيرِ بين الملا؟ يا أبتاه حزننا عليك طويل، وعبرتنا لا ترقأ.
أكثروا من برّ الأب، لا ينقص من برّ الأم شيء، الأب يكدّ ويكدح ويشقى، ما أكثر ضغوط الحياة على الآباء! الحمد لله هم يخفونها ولا يظهرونها لعوائلهم خوفًا عليهم. أوصى بهم الإمام زين العابدين فقال: ”أما حقّ أبيك فأن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله“.
كم من الأبناء، في هذا الزمان، لا يعبأ بحقّ الأب وكأنه نبتَ في غصن شجرة؟
صحبة الآباء من أجمل ثمار الحياة وخبراتهم من أفضلِ الخبرات! الآباء يأنسون بالاستشارة والسؤال، وإن فقط من باب المجاملة والتقدير! دروس الحياة ليست مجانيَّة.. دفع ثمنها الآباء، أطال الله في أعمارهم، سلفًا من كيسهم! فأين الأبناء والبنات الذين يستفيدون من هذه الدروس دون ثمن؟
في اللغة الانجليزية يقولون عن البيت الذي ليس فيه إلا أب أو أمّ وليس كليهما ”بيت مكسور“. وعندما درسوا هذه البيوت وجدوها معرضة للعنف والانحراف أكثر من البيوت التي فيها آباء وأمَّهات. فمن منا يدعم هذه البيوت، ويساعد الأبناء والبنات في تنشيط وتقوية هذه العلاقة لتكون علاقةَ ودّ متبادل واحترام؟ لا علاقة واجبات وحقوق!
علَّمنا الإمام عليّ درسًا عمليًّا في احترام الآباء حينما استضافَ رجلًا وابنه، وبعد فراغهما من الطعام غسل - هو - يدَ الأب وناول الإبريقَ إلى ولده محمّد بن الحنفية، وقال له: «يا بنيّ، لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببتُ الماءَ على يده، ولكنّ الله يأبى أن يسوّي بين ابن وأبيه»، وقام محمّد فغسل يد الولد.
اعتنوا بالآباء، الحياة دون أب ليس فيها طعم! إن عليًّا كان يحبّ أولاده وبناته ويشفق عليهم، وهم كانوا يحبونه أيضًا!
