تكرار قراءة كتاب
بين ألا تقرأ الكتاب إلا مرة واحدة فقط كنجيب محفوظ وأن تقول كالعقاد «أن أقرأ كتابا ثلاث مرات خير من أن أقرأ ثلاث كتب» هي المعادلة التي قد يحتار فيها البعض في مسيرة قراءة الكتب في حياته. ويضيف العقاد قائلا: يحسن بالقارئ أن يعيد تصفح الكتب التي يقرأها مرة كل ثلاث سنين على الأكثر، فإنه يضاعف انتفاعه بها.
أما عما ينبغي أن يقوم به القارئ فهو سؤال محير إجابته بتلقائية سريعة أن القراءة هي تجربة شخصية «بشكل عام»، أي إنها تعتمد على عوامل وظروف متعددة تختلف من شخص لآخر. فما هو بديهي وسهل لشخص ما قد يكون صعب الفهم ولغز الألغاز لآخر، وما هو هام ومصيري لأحدهم أن يستوعبه ويفهمه قد لا تكون له أية أهمية لآخر، وما يتوفر من خيارات الكتب للبعض قد لا يتوفر لآخر. وكل هذه الأمور تتفاوت من شخص لآخر اعتمادا على مستوى وعيه وقدرته الذهنية وسرعة فهمه والبيئة المحيطة به والوقت المتاح أمامه لتكرار القراءة. ولذلك فإنه لا يمكن وضع قاعدة تصلح للجميع لعدد مرات قراءة الكتب، ولكن يمكن وضع بعض القواعد العامة يمكن أن يتبناها القارئ بما يتناسب وظرفه.
فالاكتفاء بقراءة أي كتاب مرة واحدة له إيجابية هامة وهي توفير مزيد من الوقت لقراءة عدد أكبر من الكتب وبالتالي الاستزادة «أفقيا» من العلوم والمعارف. كما أن هناك أعدادا كبيرة من الكتب التي لا يكفي عمر الإنسان كله لقراءتها أو حتى قراءة نسبة صغيرة جدا منها، فلم يتعين علينا أن نعيد قراءة بعضها بينما قد نجد في كتب جديدة ما يغنينا عنها وربما يتفوق عليها؟
لكن في المقابل فإنه قد لا يمكن التقاط جميع أفكار الكتاب من القراءة الأولى، فكما يقال إن «الكتب الجيّدة لا تسلّم جميع أسرارها مرةً واحدة». وحتى لو تم فهم الكتاب من المرة الأولى فإن تكرار القراءة سوف لن يكون بالضرورة مباشرة بعد الانتهاء من المرة الأولى بل يمكن أن يكون بعد سنوات يكون القارئ حينها إما قد نسي بعض المعلومات منها أو إنه تغير كثيرا أو ازداد نضجه وقدرته الاستيعابية وزادت تجاربه ما يعني فهما جديدا ورؤية أكثر نضجا للحياة وبالتالي فهما أفضل لمعاني الكتاب. وقد قيل إن «الكتاب الجيد يُقرأ مرة في سن الشباب ومرة في سن النضج ومرة أخرى في الشيخوخة، كالبناء الجميل الذي يجب أن يُشاهد فجراً وظهراً وتحت ضوء القمر».
- إذا لم يجد المرء متعة في قراءة كتاب وإعادة قراءته، فإنه ليست هناك أيّة فائدة حتى بقراءته ولو لمرّة واحدة. الكاتب البريطاني أوسكار وايلد