آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

وَأَبْوابَ الدُّعاءِ إِلَيْكَ لِلصَّارِخِينَ مَفْتُوحَةً

سهام طاهر البوشاجع *

تستوقفنا هذه العبارة المقتبسة من دعاء أبي حمزة الثمالي، ذلك الدعاء الذي ُيستحب الابتهال به إلى الله عزَّ وجلَّ، والمنقول عن الإمام زين العابدين حين كان يقوله في صلاته في أسحار ليالي شهر رمضان المبارك.

لا شك بأن العبارة واضحة في الدعاء إذ أن الأبواب مفتوحة للدعاء في هذا الشهر الفضيل إلا أن ما يدعو إلى التوقف والتأمل هي كلمة ”للصارخين“ فمن هم الصارخون الذين خصتهم تلك العبارة بأن أبواب الدعاء لهم في هذا الشهر مفتوحة، وتنتظر فقط أن تصعد بصرخاتهم تلك إلى الرب الرحيم العطوف الذي سينظر إليهم بعين الرحمة والمغفرة؟

الصارخون كثر، وممكن أن نقول بأنهم من الفاقدين، المرضى، الأيتام، الأرامل، الفقراء، المحتاجين، المساكين... والقائمة تطول.

ولمَ يصرخون والله رحيم بعبادة؟ ومن المعروف أن الصراخ يعني حالة ارتفاع الصوت إلى أعلى الدرجات المسموعة، فهل يحتاج الله تعالى أن يصرخ العبد حتى يسمع دعاءه وتفتح أبواب الاستجابة له لهذا السبب!

لم تكن الكلمة تعبر قصدا عن ”الصراخ“ بمعناه الحقيقي فضلا عن الألم المرافق للحالة التي يعيشها ذلك الفقير، أو الفاقد، أو اليتيم، أو الجائع، أو المحتاج، وقد ضاقت به السبل وأقفلت في وجهه كل أبواب الفرج في هذه الدنيا، فلم يعد له إلا طريق الضجيج والصراخ، وهو بث حالة الألم والانزعاج إلى المولى الرحيم بعباده، وتكون أسحار ليالي شهر رمضان المبارك فرصة للبث المباشر من الأرض إلى السماء، فضلا عن أنها تكون - أعني تلك الليالي - خالية من شياطينها فهي مغلولة مدحورة.

الفرد منا كان من كان يستشف الرحمة والعطايا والرأفة في أيام وليالي شهر رمضان المبارك أكثر من غيرها في سائر الأيام، وسبحان من لطف وخفف هذه الأيام على الأنفس وحمل فيها شيئا من تلك الرحمة الملموسة.

وحري بنا أن نستغل تلك الشفافية والخفة في الروح ونحثها أكثر على أن تسلك مسالك الطاعة ومسالك الاستصراخ التعطفي إلى المولى تعالى لعل القلوب ترق والأرواح تستكين والنفوس ترضى.

السعيد من تعالت صرخاته في هذا الشهر، وتنامت حاجاته للدنيا والآخرة، وجعل تلك الأبواب بالتي وعدنا بها الرحمن دائما مفتوحة.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز