مِيلادُ الإشعاع الإلهي
شُمُوسٌ أُشرِقَت بِنُورِ رَبِهَا تَتَلألأ ضِياءاً لِتَملأ الكَون بَهجَةً وسُرُوراً وفَرحَةً وحُبوراً لِذِكرى وِلادَة سِبط الرسُولُ مُحَمَد صَلى اللٰه عليه وآله وحَبِيبِه وقُرَةِ عِينِه ومُهجَتِه الإمَامُ الحَسَن المجتبى بِكرِ أُمِه وأبيه عَليهُم سَلام اللٰه التي بوِلادَتِه المُبارَكَة أحدثت نقلة نوعية حَيثُ سَنَّة سُنَنُ كَرِيمَة بِمقدَمِه الزَاهِر الطَاهِر وما زَال يَعمَل بِها حتَى وقتَنَا الحَاضِر فَهو أول مَولُود يَنَال الكَِثير مِن الخَصَائِص والمَكرَمَات التي مَثَّلهَا خَيرَ تَمثِيل خِلال سِيرَة حَياتِه المَليئَة سُمَواً وشَرَفَاً وعِلمَاً ومَنطِقَاً.
فَهو ذلِك الإمام الذي خلق أمثِلَة حَية مازَال صَدَاهَا مُغروسا في قُلُوب أُمَة جَدِه التِي غَرَفَت منه كُل سَجَايَاه وخِصَالِه، فَعِندَمَا نَطَّلِع على ما كَتَب ونقش وسَطَر فِيها ترى العجب العجاب مِن قَيَم العَدل وإحقَاق الحَق ونُصرَة المَظلُوم ومُحَارَبَة البُغَاة والظلمة فَهو صَاحِب اليَد العُليَا فِي الدِفَاع عن حُقُوق المَحرُومِين والمعدمين والمُضْطَهَدِين، واستقى كريم أهل البَيت كُل ذَلِك مِن سِيرَة ومَدرَسَة جَدِه وأبِيه سلام الله عَليهِم، حَيثُ حَولَها إلى واقِع عملي يَشعَر بِه كُل مُحِب ومُوالِ.
كما تَفَوَق المُجتَبَى فِي خصال كثيرة ومتعددة برزت وتجدرت خِصلَتَيْن كَرِيمَتَيْن، هُمَا صِفة الحِلم والكَرَم الذي أبدَعَ فِيهِمَا أيمَا إبدَاع فَاقَت الوَصف والتَحلِيل، ومَا حِلمِه الذي شَاع مَعَ مُبغِضِيه فَقَد قَلَبَ حَياتَهُم رأساً على عَقِب مِن بُغض لا مَثِيلَ لهُ إلى محبة ووِد واحترام لأنه قابل الإساءة بالإحسان والكلم الطيب هذا مِن جِهة، ومِن جِهة أُخرى كَرَمُه الذي فاق الوصف مَع مِن سَأَلُه الحَاجَة فَكَان سَبَاقَاً فِي العَطَاء مِن غَيرِ مِنَة أو إهدَارَاً لِمَاءِ وَجهِ أحَد حيث صان كَرَامَةً السَائِل وما خالجه شُعُور بِزَهوَة المُعطِي المتعالي.
هذِه هِي أخلاق ومُثُلْ القُرآن الكَرِيم طبقها بِحذَافِيرَهَا، مُتَخِذاً مِن رِسَالَة جَدِه ومَنهَج والِدِه أبوابَاً فِيهَا الهُدَى والنُور، فَسَلامُ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ ويَومَ أُستُشهِد ويَومَ يُبعَثُ حَيَا.