الرسائل المعلّبة
الرسالة وسيلةٌ جميلةٌ من وسائل التواصل المهمة بين البشر، فمنذ قديم الزمان استخدم الإنسان الرسالة للتعبير عما يدور في خلده من أفكار ومفاهيم وأحاسيس. كما أنه استخدمها لإيصال المبادئ والقيم والنصيحة، وغيرها في الكثير من المجالات التي لا يسعنا ذكرها.
ومع تطور التكنولوجيا وتقدّمها أصبح إيصال الرسالة سريعٌ جداًّ وسهل المنال، وهذه نعمةٌ يجب أن نشكر الله عليها بحسن استغلالها.
إلا أنه من المؤسف جداًّ أن أصبحت الرسائل التي تضجُّ بها وسائل التواصل تدور في فلكٍ ضائع لا هدف لمعظمها ولا غاية. القليل منها قد يكون مفيداً إلا أنه يتم إرسالها مراتٍ عديدة دون تأثيرها في سلوكيات الأفراد والمجتمع، فضلاً عن التوقف عندها وتأملها، فتمضي كسرب من أسراب الطيور.
إن كان إعادة إرسال هذه الرسائل هو من باب التسلية وشغل وقت الفراغ فهذا بالتأكيد إهدارٌ للوقت والجهد.
يستيقظ الفرد منا فيجد مئات الرسائل تنتظره على جهازه المتنقل! معظمها تحمل في طيّاتها النصائح والتوجيهات والفضائل.
والسؤال الجوهريُّ هنا: تُرى هل قرأها من أرسلها؟ هل استفاد منها؟ هل عمِل بها؟ هل هي واقعاً عملياًّ يعيشه في حياته؟
إن كنّا لا نعمل بما جاءت به تلك الرسائل، فما الفائدة إذاً من إعادة إرسالها مراتٍّ ومرات!؟
هل هو مجرد تنافس وسباق على من يرسل أكثر، وإمطار الناس بوابلٍ كثيفٍ من الكلمات والمقالات التي لا تجد لها مكاناً بين الناس، لا في واقعهم، ولا معاملاتهم اليومية، ولا في حسن أخلاقهم ولا حتى في تحيتهم للآخرين على أقل تقدير!
لقد افتقدت الرسالة طابعها الخاص، ومحتواها الحقيقي، وتأثيرها الواقعي فضلاً عن افتقادها للصدق والتميز.
وما أصدق وصف لحال الناس فيما روي عن إمامنا الصادق حيث قال: ”ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج“