آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 1:42 م

أسواق السمك في بلدات القطيف بين الإغلاق والتطوير

عباس سالم

منذ القدم كانت محافظة القطيف التي تقع على الجهة الشرقية من الخليج العربي، تملك ثروة سمكية كبيرة إضافة إلى وجود اللؤلؤ في أعماق بحارها، ولهذا فإن الكثير من سكانها كانوا من ”البحارة والغواصين“ الذين يعملون في البحر لصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ وهي من المهن الرئيسية للناس لكسب الرزق في الماضي والحاضر.

الثروة السمكية الكبيرة التي تختزنها بحار القطيف جعلتها مركزًا تجاريًا هامًا لتجميع وبيع مختلف أصناف الأسماك، في أكبر سوق مركزي للأسماك في المنطقة والخليج العربي، والكثير من المواطنين يعملون في مفرشها ”الحراج“ الواقع وسط محافظة القطيف، الذي ظل محافظًا على نشاطه كأكبر سوق لبيع الأسماك في الخليج العربي وربما في الشرق الأوسط منذ عشرات السنين قبل أن يزال في يوم الأحد 26 رجب 1443ه وينقل إلى مكانه الجديد في جزيرة الأسماك.

تعد مهنة بيع الأسماك من المهن الأساسية للمدن الساحلية في الخليج العربي، لذلك ارتبط الكثير من الناس في محافظة القطيف بمهنة ”البحارة“ الذين يعتمدون على صيد السمك والعيش منها، وقديماً كان الصيادون يستخدمون عدة وسائل في عملية الصيد مثل: الحداق، والسالية، والجارووف، والحضرة، واللقية، والسكار، والدغاي، والشبكة، والقمبار، وبعض هذه الطرق لم تعد موجودة في يومنا هذا بسبب التطورات الحديثة في طرق صيد الأسماك.

من شريط الذكريات الجميلة في الزمن الجميل التي رأينا فيها ميناء الزور في جزيرة تاروت، الذي كان يستخدمه البحارة لتفريغ أطنان الأسماك من محاملهم ونقلها إلى المفرش الرئيسي في سوق السمك بمحافظة القطيف لبيعها على تجار وبائعي الأسماك في بلدات المحافظة، ويتم نقلها بواسطة مجموعة من القواري التي تجرها الحمير أعزكم الله، حيث لا وجود لسيارات النقل في الزمن الماضي.

هناك بلدات ساحلية تبعد عن محافظة القطيف الأم بعدد من الكيلومترات ولها خصوصيتها في ممارسة صيد الأسماك مثل: صفوى وسيهات وجزيرة تاروت، ارتبط سكانها بصيد الأسماك وعلى موانئها ترابط العشرات من سفن الصيد التي يملكها البحارة من الأهالي، ونتيجة لذلك أنشئت في كل بلدة سوقًا لبيع الأسماك خاصة بها منذ عشرات السنين، للتسهيل على الناس بشراء ما يحتاجونه من الأسماك التي تتصدر قائمة الوجبات الرئيسية والمأكل المفضل عند الكثير من سكان البلدات.

قبل أيام استيقظ الناس في تلك البلدات على خبر إغلاق سوق السمك في كل بلدات محافظة القطيف ونقلها إلى سوق السمك المركزي الجديدة في جزيرة الأسماك التي تبعد عن سكناهم بآلاف الأمتار وهنا أتساءل: هل أن أسواق السمك التي عرفها الأهالي مندو عشرات السنين تسببت بإضرارهم؟ أم أن الكثير من الأهالي وبالخصوص كبار السن يذهبون إليها مشيًا على الأقدام لشراء ما يحتاجونه من الأسماك بأريحية؟

عندما أَمرُ بسوق السمك في بلدتي ”جزيرة تاروت“ أجد كبار السن من البحارة يتراودون علي السوق ويتخذونها مكانًا للترويح وملتقى يتذكرون فيها الماضي الجميل؟ لكنه هل من المعقول أن يذهب الفقراء من كبار السن إلى السوق المركزي الجديد التي تبعد عن سكناهم بآلاف الأمتار والبعض منهم لا يملكون في جيوبهم قيمة وجبة لبعض الأصناف من الأسماك؟ وغيرها من الأسئلة التي تحتاج إلى مجلد إن أردت ذكرها هنا، لكل ذلك أتساءل لماذا تغلق تلك الأسواق؟.

خلاصة الكلام هي: جميل أن نرى في قطيف الخير سوقًا نموذجيًا لبيع الأسماك، لكن إغلاق كل أسواق السمك في بلدات المحافظة ونقلها إلى مركزية القطيف لا يخدم الأهالي في تلك البلدات وبالخصوص الفقراء وكبار السن، وسوف يتسبب بازدحام مروري على إشارة تقاطع شارع الرياض والخليج العربي، أما البحارة الذين يتواجدون في سوق السمك كل يوم فالإغلاق صادمًا لهم ويتمنون بأن يعاد النظر فيه، والعمل على تطوير باقي الأسواق في بلدات المحافظة لخدمة الناس.