آخر تحديث: 14 / 5 / 2024م - 8:51 ص

تأملات مصاب بكورونا

يوسف أحمد الحسن *

رغم أنني أصبت بكورونا بعد أن استنفذ هذا الفيروس قدرته وفقد قوته في الفتك «حتى الآن طبعا»، وبذلك ينطبق علي المثل القائل «رايح للحج والناس راجعة»، إلا أنه يحق لي أن أحج متى شئت بالمعنى اللغوي للحج، خاصة أنني بالفعل عانيت ليومين من آلام قوية في أنحاء جسمي لم تنفع معها المسكنات. وعندما كنت أتناول بعض المسكنات القوية كان أثرها لا يظهر بسرعة بل كان يحتاج إلى أضعاف المدة الاعتيادية وقت الإصابة بالإنفلونزا مثلا. ومما زاد في معاناتي تزامن الإصابة مع حلول شهر رمضان حيث لم أرغب في الإفطار وأخذ دواء في فترة النهار.

فمنذ إصابتي بكورونا في الرابع من ابريل وأنا أحجر نفسي بعيدا عن عائلتي الصغيرة. لكن هذا الحجر لم يكن بالمعنى الحرفي له، حيث لم أر ضرورة لحجر نفسي في غرفة مغلقة، بل اكتفيت بالجلوس في ركن قصي في إحدى زوايا صالة البيت. وهي صالة كبيرة بحيث يمكن أن يبعد عني أي مار حوالي عشرة أمتار. وحتى لو صحت تلك المعلومة التي تم تداولها في بدايات الجائحة أن بعض فيروسات كوفيد-19 قد تستطيع الانتقال عبر الهواء من مسافة ثمانية أمتار «وهو ما تبين لاحقا عدم صحته»، فإن هذا الفيروس سوف تنهار قواه قبل مترين من أقرب شخص في البيت. وهكذا فقد بقي أفراد العائلة بعيدون عني طوال أيام المرض، وهو ربما ما فعله نحو 750 ألف مصاب داخل المملكة، ونحو 500 مليون حول العالم.

وقد كنت محظوظا للغاية بهذه الإصابة حيث لم تتأثر لدي حاستي التذوق والشم وهو ما أسعدني كثيرا خاصة أننا في أيام الشهر الكريم والطبخات اللذيذة لحبيبتي أم محمد. وقد علمت أن بعض المصابين استمرت معهم مشكلة التذوق والشم لمدة طويلة بعد شفائهم من كورونا.

ومن إيجابيات إصابتي أيضا أنني استثمرت أيام الحجر والعزلة في مزيد من القراءة والكتابة، حيث كتبت ثلاث مقالات وقرأت كتابين، إضافة إلى قراءة القرآن، ولولا الحياء لتمنيت أن تطول هذه الأيام لثلاثين يوما ربما استطعت خلالها إكمال كتابي الخاص بالقراءة والمكون من مائة مقال.

أما أكبر إيجابية في توقيت هذه الإصابة فهي أخذي لثلاث جرعات من كورونا من نوع فايزر وهو ما يقول عنه الأطباء بأنه يخفف من أعراض المرض، وهو ما لم يكن متيسرا لملايين بل مئات الملايين من الناس في بعض أنحاء العالم. وأراها مناسبة لأتقدم بالشكر والتحية لوزارة الصحة التي بذلت قصارى جهدها في ذلك متجاوزة حتى جهود بعض الدول المتقدمة والمتطورة في المجال الطبي. وكان أكثر ما أسعدني هو سماعي للإعلان عن عدم وجود أي وفيات في المملكة لأول مرة منذ بداية الجائحة وذلك في اليوم الثاني لإصابتي بالفيروس. أدعو الله تعالى أن يبعد الجائحة عنا وعن جميع شعوب العالم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
هلال الوحيد
[ القطيف ]: 10 / 4 / 2022م - 8:03 م
العافية والشفاء لكم ولكل المرضى أينما كانوا وكيف كانوا.