الكاتب الصالح: المائدة الرمضانية فرصة للحوار الأسري
- أجمل الأجواء الروحية برمضان وجدتها بالمدينة المنورة والقطيف والأحساء وينبع وجدة القديمة.
- وليالي السمر الرمضانية أجملها في الحسين بالقاهرة القديمة.
- اتفقنا على تريب مائدة رمضانية تشاركية بين الجيران فأحضر الجميع طبق ”اللقيمات“ فقط.
مواقف رمضانية عديدة كشف عنها الكاتب بصحيفة جهينة الإخبارية أمير الصالح، ماتزال عالقة بذاكرته. قائلا بأن من تجهل ذوقه ومحظوراته الصحية أو طبيعة افكاره فالمطاعم هي الحل لاستدامة المجاملات وتخفيف العبء على النفس..
وفي لقاء رمضاني شيق دعا الصالح إلى استثمار وقت المائدة الرمضانية في التحدث كأفراد أسرة واحدة وتأجيل مشاهدة أي مسلسل أو فيلم إلى وقت خارج وقت تجمع أفراد الأسرة..
ويقول شهر رمضان المبارك بالنسبة لي شهر تأصيل الانتماء العقدي والروحي والاجتماعي وترسيخ الاحتواء الاسري ورحمة لكل افراد المجتمع ومنار هداية التأبين وقمة نضج عطاء الصالحين.
فإلى نص الحوار..
وشهر رمضان أشبه بمحطة زمنية رئيسية لعقد مراجعة الذات وعقد الجرد السنوى للأعمال الصادرة من النفس ونحو المحيط والأسرة في مجال السلوك والعطاء وكف الأذى والتكافل الاجتماعي. وللبحث عن تجذير الأفضل من الأعمال وتربية الذات وتمتين العلاقة مع الله من خلال قنوات المناجاة والدعاء والصيام وتلاوة القرآن والتصدق والتبرع بالمال والطعام للمحتاجين.
وشهر رمضان يستنهض كل معان الإحسان في تزكية النفس عند التعامل مع الاصدقاء والمجتمع وأبناء الوطن والأمة.
الموقف المُحرج:
قبل عدة سنوات ماضية بادرت في اطلاق دعوة إفطار رمضاني في منزلي لبعض أصدقاء العمل الذي التحقت به حديثا في مدينة الجبيل الصناعية أي قبل ثلاثون عاما. وذيلت الدعوة المُرسلة عبر نص الرسائل sms للمدعوين بطلب أن يقوم كل منهم بإيراد المحضورات الغذائية صحيا عليه أن وجدت وتأكيد الحضور.
وكانت المفاجأة بالنسبة لي أن كل شخص مدعو هو مريض بمرض مُزمن مختلف عن الآخر. فكان أحدهم مصاب بمرض السكري النوع الأول. وكان المدعو الثان مُصاب بحموضة معدة والثالث مصاب بمرض إرتفاع ضغط الدم والرابع ممنوع عليه تناول اللحوم الحمراء.. الخ. يومذاك، وقعت بإحراج شديد عند إخبار زوجتي بأن عليها إعداد عدة أطباق مختلفة وبنسب مختلفة من الملح ومختلفة الأذواق الصحية والأطباق تماشيا مع الوضع الصحي لكل مدعو..
وهنا استدركت درس مستفاد وهو أنه عند عقد دعوة لأشخاص متعددي ومختلفي التحفظات الصحية والذوقية، فإن الأفضل دعوتهم في مطعم عام أو مطعم بفندق بنظام بوفية مفتوح تجنبا للإحراج.
الموقف المضحك:
تمت دعوتي لتناول مأدبة عند أحد الأصدقاء وأصرت زوجتي على أن تعد طبق للمشاركة به عند الحضور. وبالفعل أعدت طبق حلى ووضعته في المقعد الخلفي للسيارة وانطلقت نحو المسجد لأداء الصلاة بالمسجد ثم ذهبت لبيت الداعي. وعند الإنتهاء من استجابة الدعوة وتفرق الحضور، استدركت عند رجوعي للسيارة بأني نسيت طبق الحلى. وقلت في نفسي هذا الطبق مو رزق المدعويين ورجعت به للبيت وسردت ما حدث لأم عبدالله فضحكنا وتناولنا الطبق سويا.
الموقف العجيب:
في أحد انتدابات العمل، بأمريكا كنا مجموعة من المهندسين والإداريين السعوديين من شتى أرجاء المملكة نعمل سويا ضمن فريق هندسي كبير نسبيا للإشراف على إنجاز التصاميم الهندسية لأحد المصانع البتروكيميائية المحلية والمنفذة يومذاك بأحد دور الهندسة العالمية الأمريكية بمدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية لصالح احدى الشركات الوطنية.
واتفق مجموعة من الموظفين السعوديين على ترتيب مأدبة رمضانية بشكل دوري بين الأعضاء أي كل يوم في بيت أحد المهندسين أو الإداريين..
وبالفعل طرقت الفكرة في ذات اليوم مسامع المدير العام للمشروع فطلب من المشرف على إدراج كل الموظفين السعوديين بذات القائمة. وكان دوري لاستضافة الزملاء هو اليوم الرابع من شهر رمضان. وحرصا مني في تنويع الأطباق وإرضاء كل الأذواق، أخذت في إعداد قائمة المشتريات وتجولت في عدة مراكز تجارية متباعدة المسافات داخل مدينة هيوستن وعلى أطراف المدينة لجلب كل مكونات الأطباق الشرق أوسطية والمراد تقديمها كضيافة إفطار.
وحيث أننا في أسرتنا اعتدنا أن تكون كل موائد رمضان هي إعداد منزلي 100٪، فالجهود تكون مضاعفة وكبيرة. ونعد عمل المشتروات من عدة أماكن على مدى عدة أيام وإعداد كامل الأطباق..
في يوم الدعوة، احتجب البعض من الحضور... وحضر آخرون مع دلة قهوة وتمر. وفور دخول الوقت شاهدت إن من جلب القهوة باشرهم من دلته وبعد ذاك صلوا واعتذروا بأن عليهم الذهاب لاستدراك التراويح.. وبقي على المائدة فقط المدير العام.
هنا أدركت حقيقة مفادها استدراك طبيعة الأفكار. مهما كما هي الأذواق..
. واختصارا..من تجهل ذوقه ومحظوراته الصحية أو طبيعة افكارة فالمطاعم هي الحل لاستدامة المجاملات وتخفيف العبء على نفسك وتجنب أي تصرفات غير معلومة المبان.
الموقف الملفت:
انطلقت فكرة عقد دورية إفطار جماعي مساهمة مشتركة بين بعض الأصدقاء من الجيران في أحد الأحياء السكنية، ولم يكن هناك شفافية في الإعلان عن طبيعة المساهمة بالأطباق من كل مشارك بذكر إسمه ونوع الطبق الذي يود أن يشارك به. فوقعت المفاجأة في أول يوم انعقاد للإفطار الجماعي المشترك وهو أن الأغلب من شاركوا يومذاك جلبوا طبق ”اللقيمات“ فلم يكن هناك طبق رئيسي. وبعد ذلك اليوم تم تعديل كامل البرنامج لضمان تنوع الأطباق.
وشخصيا لا أفطر خارج المنزل إلا عند وقوع دعوة شخصية إلا أن الدرس المستفاد من ذلك الحدث هو ضرورة التخطيط المُسبق والمكاشفة وتوزيع المهام حتى على صعيد أنعقاد وجبة افطار مشتركة.
وحتما الأجواء الروحية ومشاهد رمضان ملموسة في معظم بقع العالم الاسلامي. ولعل الأكثر تميزا يومذاك أثناء فترة الصوم في تلكم الدول:
1 - في الأطباق الغذائية:
منطقة الخليج العربي بشكل عام حيث أطباق طعام رمضان فيه زكية الرائحة وجميل الطعم ومتنوعة الأصناف وفخمة الأشكال ولذيذة النكهة.
2 - في الأجواء الرمضانية والسمر:
منطقة القاهرة القديمة بمصر الحبيبة أي منطقةً سيدنا الإمام الحسين وما حولها مازالت عالقة في الذهن.
3 - في الأجواء الروحية برمضان:
مدن إسلامية مختلفة إلا أن الأكثر كانت بعض مدن المملكة الحبيبة كالمدينة المنورة والقطيف والأحساء وبعض أحياء ينبع وجدة القديمة.
3 - في أجواء الحياة الاجتماعية برمضان:
مدن المملكة المختلفة حيث انصهار النسيج الاجتماعي المميز. إلا أن الأكثر تميزا كانت ومازالت بالنسبة لي أجواء الحياة الاجتماعية في مدينة الأحساء.
4 - في مجال الأنشطة الثقافية برمضان:
كانت مدينة القطيف نبراس والآن مدينة الرياض رائدة على مستوى الشرق الأوسط وهنا أود ان أسجل إعجابي بالقفزة الثقافية والفعاليات العلمية المتنوعة في مجال احتضان مهرجانات ومؤتمرات العلوم التقنية والمبادرات المميزة وريادة الأعمال والآداب.
5 - في مجال الانضباط المروري وتجنب أحداث الضوضاء المزعجة في رمضان وغير رمضان:
كان إعجابي بمدينة زورتمير بضواحي مدينة لاهاي الهولندية.
ما هي معايير جودة الوقت الذي تقضيه مع افراد أسرتك في رمضان وكيف تحققها؟. شخصيا أرى بأن نجاح الأب في خلق الشعور بالانتماء والاحتواء والأمان لدى الأبناء هو الضابط الأهم. وأستمتع بأن أطلق حوار داخل الأسرة يتعلق بشأن أسري عام ومنها على سبيل المثال: التخطيط لرحلة عائلية أو إعطاء الحق للأبناء في قيادة الحوار أو إعطاء الشباب منصة المشاركة بعرض لوحي لمفاهيم تقنية في مجال التطبيقات الإلكترونية الذكية.
هذا على صعيد الفرد والبيت... أما على صعيد الفرد والوطن، فمن الجميل أن نتعاضد الجهود لتجذير شعور الاحتضان لبعضهم البعض في شهر الرحمة والبركة وخارج شهر الرحمة..
أما على مستوى الفرد والأمة، فأتمنى أن يقدم الجميع مصلحة الدفاع عن بيضة الإسلام على قناعاته الفردية وإن يحتمل بعضنا البعض ويحتويه. وان نسعى جميعا لنكون مصداق للآية القرآنية الكريمة «كُنتم خير أمة اُخرجت للناس».