آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

خطوط من نار

عبد الرزاق الكوي

أنابيب الغاز من استخداماتها تدفئة العالم من برودة الطقس ولها منافع أخرى لا تعد ولا تحصى، اليوم هذا المصدر الثمين يشعل العالم سخونة وحروبا بعضها يحاك عند صناع القرار وعندما لا تفلح ما تقوم به من ضغوطات ومكائد وحصار تبرز الحرب كخيار جاهز لا بد منه، هذا ما وقع في الشرق الأوسط من خلال الربيع العربي كان الغاز الطبيعي على الطاولة والشهية مفتوحة على مصراعيها من قبل قوى عالمية أن تفعل كل شي من أجل أن يكون اتجاه خط أنابيب الغاز الطبيعي عندها لدواعي التدفئة والعيش الرغيد لفئة والحياة المرفهة تحظى بها أقلية من العالم القوي، تاركة أصحاب هذه المصادر يكافحون من أجل لقمة العيش يموتون جوعا.

نعمة الغاز الطبيعي تستفيد منها كل دولة يمر خط الأنابيب في بلدها رسوم بمئات الملايين الذي من المفترض أن يعم خيرها البلاد والعباد، أصبحت نقمة بسبب الأطماع العالمية وتأزم جميع التعاقدات التي لا تصب في جيبها وأن تكون لها اليد الطولى في إمدادات الغاز الطبيعي، حتى لو دمرت دول عن بكرة أبيها على من فيها من البشر، سياسة متبعة وليس وليدة اليوم قلوبا عدمت الرحمة واستكبرت وتجبرت بقوتها.

الحرب الأوكرانية من أحد مسبباتها الغاز الطبيعي، فالمشروع المراد إيقافه من قبل الدول العظمى هو خط الغاز الطبيعي المسمى «نورد ستريم 2» عبارة عن خط يبدأ من روسيا إلى ألمانيا ومن بعدها يمد أوروبا بالغاز الطبيعي تم استكمال بناءه العاشر من سبتمبر 2021 وسبقه خط قبله «نور ستريم 1»، يصل منه الغاز إلى ألمانيا وهو مجدي اقتصاديا حيث يعتبر أقل سعرا ومضمون الوصول بأمن أكثر لدول أوروبا حيث بلغت تكلفة هذا الخط أكثر من مليار دولار، وتستفيد منه عدة دول بالرسوم المدفوعة وغيرها، خط «نورد ستريم 2» حاولت ألمانيا الدفاع عنه كثيرا في وجه الضغوطات الكبيرة حيث توقف لفترة بسبب فرض عقوبات اقتصادية على الشركات التي تعمل في هذا المشروع لم تفلح في إيقافه، فكان لا بد من خطة تقف في وجه تفعيله وتشغيله حيث يعتبر مكتملا يحتاج إلى بعض التصاريح والشهادات، وهو مشروعا اقتصاديا بحت، مكاسبه تعم الجميع ويخلف من وراءه علاقات أكثر قوة وحميمية بسبب هذا الرافد الاقتصادي العظيم، وأن التعويض عن خط أنابيب الغاز الروسي يحتاج أن تتكاتف عدة دول وبسعر أعلى ومخاطر أكثر بسبب توتر الأوضاع في كثير من بقاع العالم، اليوم بسبب الدور الروسي المتنامي في العالم تضع العراقيل ووصلت إلى وضع دولة كبش فداء وسكوت واستسلام دول تستفيد من هذا الخط الحيوي للضغوط من قبل نفود قوى عظمى، رغم الخسائر الفادحة من وراء الاستجابة لمثل تلك الضغوطات، خلطت الأوراق الجميع يخسر والرابح والمتفرج يشغل العالم بطمعه.

فالأزمة بسبب التوقف عن تشغيل «نورد ستريم 2» ترفع الأسعار خصوصا فرض عقوبات وتوقف كثير من صادرات القمح العالم من قبل أكبر منتجيه روسيا وأوكرانيا، فالتنافس على مقاليد العالم وخيراته على قدم وساق كلا يجر النار إلى خبزه والبشرية يقضي عليها الجوع والحياة المزرية.

الصراعات على الساحة الدولية الجميع يخسر واليوم الصراع على الطاقة الجميع لا يربح، إلا قوى عالمية تشعل الفتيل لتستفيد من نتائجه، فالمشاريع الاقتصادية البحتة يعم خيرها الجميع وتكون رافد ينمي ويطور الحياة الكريمة للعالم أجمع من التراجع الاقتصادي وضنك العيش، فالدور الروسي المتنامي وعلاقاته البناءة حول العالم أشعل فتيل هذه الحرب المفتعلة، تنقض المواثيق وتنتهك المعاهدات والاتفاقات الموقعة فلا صوت يعلوا على صوت العقوبات هو والحصار هو السيف المسلط ضد كل من يخالف الأوامر العليا.