زوايا أسرية 23
كم فتاة مثلي أُبتليت بما أبتليتُ به من أبٍ غشوم؟
وأيُّ أبٍ هو أبي ومثله زوجي؟!
من يستوعب ما أنا فيه وينصفني؟
صيحةٌ كانت كالإعصار يلهب الضمائر الحية بعد إن أرهقتها وأحاطت بها قيود النفوس الميتة، تحرق بحرارتها وجهلها وعنفها كل التطلعات والأمان النفسي والجسدي والأسري ما تطمح له كل أنثى من حرية القبول والشعور بالفخر في اختيار شريك الحياة، وقبل ذلك اعتزازها بمن تحمل أسمهما إلا أنها تشكو في رسالتها الموجعة بتساؤل.. كم فتاة مثلي أبتليت بما ابتليتُ به؟
أبٌ غشوم مريض بالحقد والكراهية والتعجرف والتكبر على العمل، مما أعاشنا الفقر وتحت ظل من يتصدق علينا دون أن يسعى لتحسين وضعه المعيشي، يده تسبق كلماته هذا ما أوقعني في الفخ وسلب مني حكمة التفكير وحسن التدبر ولوم النفس وعتابها لم ولن يجدي نفعاً حديث المثل العليا والقيم الأخلاقية وتدخل من لا يفقهون في حل النزاعات الأسرية جعله مبتور لعدم تخصصهم وقدرتهم على فن الحوار والتفاوض والاحاطة واستيعاب كل الصور بخصائصها المرتبطة بالمعلوم والبحث عن المجهول...
- فأيُّ أب هو أبي ومثله زوجي؟
- من يستوعب ما أنا فيه وينصفني وأنا في السادسة عشر من عمري؟
أفتقر التوجيه والحضن الدافئ، وينتابني شعورٌ بعدم الأمان، فأعيش ضعفاً وقلقاً ورهاباً لمستقبل مجهول؟ والحقيقة إن النفس مثخنة بالجراح التي أصبحت عميقة جدا إلى درجة استصعب الكثير ايجاد الحلول لها، لوجود حواجز واخفاقات ومعوقات وعواطف أحالت دون الشفاء والغفران مع بذل الكثير من الجهود لتخفيف الحزن والآهات وحدة التوتر الذي يحدث مع شخصية أمي السلبية والخانعة لعنف أبي دون وجه حق وشخصيته المتسلطة بعنف اليد قبل الكلمة فأصبح القرار بطارق الباب والقبول به على المحك، وإن كان القلق والتوتر والخوف لمستقبلٍ مجهول، هو العنوان الذي أعيش معه في دائرة الاتساع اليومي:
- لعدم النضوج المعرفي بدائرة الحياة الزوجية والقدرة على التحكم في الأنماط السلوكية.
- الشعور بالإحباط لوجود عوائق تحول دون تحقيق التواصل والاتصال الأبوي للمشورة وحسن حرية الإختيار، والفصل بين شخصيتي وشخصية أمي لشعوري أنها لا زالت تحتاج إلى عملية شفاء للخروج من حالة الكبت الذي بداخلها.
- القلق من الفشل في إنشاء بصمات أسرية تنمو فيها المحبة والمودة والرحمة والألفة والحنان والأمان النفسي والجسدي
- العيش بمرارة الخوف لمستقبل مجهول لوجود صور وذكريات ومشاكسات مُخيفة ومشوهة، إنعدم فيها الحوار الزوجي والأبوي وأسس اضطراباَ نفسياَ لمعنى مخيفاَ للحياة الزوجية وللقوامة مخالف للشارع المقدس والكرامة الإنسانية والفطرة البشرية في إعطاء الزوج أحقية الحرمان والضرب والخنوع له دون وجه حق في ممارسه كل أشكال الكراهية والعنف والأكاذيب باسم الرجولة والقوامة وهو السيد المطاع للموروث المشوه باسم الدين.
- الكبت لكثرة الجروح والحرمان العاطفي الأبوي والأمان النفسي والمالي شكل أزمة عند الفتاة لكثرة المشاجرات المحتدمة بين الأبويين بقبوله المتسرع بالزواج دون حساب للعواقب، وهوما شكل حالة وباء لنوبات من الاكتئاب لفتاة قاصرة ولشخصية مهزوزة من الداخل لكثرة الجراح والاضطرابات النفسية التي تحتاج علاج، وهي غير مدركة لحجم المشكلة على المستوى النفسي والاجتماعي والعيش القهري المتعدد الابعاد والمنشأ للأمراض النفسية والصراع الذي يتعارض مع مصالح الذكورة والأنوثة للدوافع المرتبطة بتأكيد الذات.
- نقص في مفهوم وجود ارادة الشفاء المتربط بطبية التربية وتحسين العلاقة الأسرية لتخفيف وتجفيف النفور والألم الذهني والعاطفي والقبول النفسي والغفران للآخر.
هذه الأفعال والممارسات الخانقة وغيرها كونت مقومات لمشاكل وذكريات لصدمات متتالية نفسية سلوكية اجتماعية مكبوتة، عاشتها هذه الفتاة في أسرة على مدى ستة عشر عاما مع أبٍ منبوذ الذي احتقر وأهان أحضان تلك المرأة وأبناءه ليؤسس بذلك مرحلة أخرى بقبوله لشخصية مضطربة زوجا لابنته
عاشت طفولة مأساوية لأسرة تتكون من ثلاثة أبناء وأم وأب وهي البنت الوحيدة لهما، لم تكن سعيدة في حياتها تحت وطأة صمت أمها وعنف أبيها جرح مشاعرها وازدادت المعاناة عندما كبرت فوقعت ضحية لأول طارق للباب يتقدم للزواج منها وهي في السادسة عشر من عمرها، فاضطرتها الظروف القبول به، هروباً مما هي فيه باحثة عمن ينتشلها من حالة الذعر وواقعها الأليم لشدة الفقر والجهل وأب أمات الضمير وزرع الكراهية وسوء المنقلب في تفكيك الروابط الأسرية وفي البعد عن كل ما أحله الباري وشرعه وتُضيف قائلة:
انعدام ضوء الأمل واستمرار الضوضاء والخلافات في أسرتي التي ترتفع مع ضوء النهار وتُسجر كالنار عند المساء، فيكون الشتات المخيف ويحل اليأس فتختنق امي واخوتي بالعبرات مرتعشةٌ فرائصهم من الخوف، لم يبلغوا الحلم فأصبحنا جميعا كالحطام.
احتقرت أفعال ابي المشينة التي تُفزعني وتخرجني عن صمتي وأُلقي بنفسي في أحضان امي أحيانا فينهال علينا بالضرب والألفاظ الخادشه للحياء بقبح القول والفعل والأخلاق التي يصعب علاجها لوجود رواسب تسبح في الموروث الذكوري لتلك الأفكار الضالة بأحقية الرجل في ضرب الزوجة والأبناء لشعوره غير المبرر بالقصد النفعي وأنه ليس عنده سوء نية، ويفترض هذا السلوك عقدي أجازه له الشارع المقدس وتصرفهُ حمّال أوجه، وفي الحقيقة كثيراً من هذا السلوك حمله بعض الرجال وهم على أبصارهم غشاوة وأكثر تعصبا، فهل هناك أشنع من ذلك السلوك المرضي الموصوم بالجهل المضطرب والقاسي والمر والمستمر جعل من الجروح نازفة يصعب علاجها لكثرة الأخطار والأخطاء المحيطة بهم؟
لهذه الأسباب المتعددة والاحساسات المتعارضة وتأثيرها الذي عصف بعواطفي الشخصية والميول أفقدني التفكير والمزاج الهادئ وعدم القدرة على السيطرة التامة على النفس وسلطان العقل المطلق، وزرع عندي التشاؤم والتفكير في الهروب من هذا البيت الذي جعل منه ابي فجاً منفراً عند كل من يقترب منه فينظر له بمنظار أسود بارد دون حياة...
لم تكن هناك عناية أبوية أسرية ولا أسلوب يبحث هذه الخطوة بحثاً يستحق القول بأنه كان اختيار موفق إنما كان نتيجة لهروب من واقع خلا من جميع الحسابات المستقبلية لعدم رعاية وغلظة وطباع أبي وصغر سني كانت الموافقة بمنظار نفعي مادي هروباً من واقع مظلم لكثرة الصراعات وانعدام الروح الأسرية والاجتماعية والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية والفقر المدقع والعنف والصراع المستمر والمؤلم المتأصل في حياتنا اليومية لقلة الوعي بالقيم والأخلاق الحميدة التي تقيد المفردات والضمير والخواطر برمزية أبوية وتغوص في أعماق النفس للخروج من نطاق الذات بتوثيق الصلة بين الايحاءات النفسية والواقع دون أن نعطي للمسوغات ألواناً لمرئيات عابرة ترسل للحواس:
1 - التبرير لأسباب مختلفة وللحجج مضللة متشابكة ومتقابلة وإن كانت هي بمثابة قوانين تفصيلية وفي غاية التعقيد، فالسلوك البشري هو عبارة عن كتلة من القدرات العقلية المعرفية والجسدية والإدراك الذاتي ومجموعة من الأحاسيس والمشاعر والسمات والأفكار والعادات المكتسبة التي لا يمكن إدراك كنهها وما فيها من وحدة وانسجام إلا بشرط الاستجابة للمحفزات الداخلية والخارجية التي تكمن دوافعها في معرفة الحاجة غير المُشبعة والحوافز وتأثيراتها على السلوك الإنساني سواء كان ذلك عبر:
أ - سلوك مذموم يفتقد الاتزان
كالغضب والخوف والحزن غير المبرر والسرقة والاعتداء على الآخرين أكان لفظي أو غير لفظي أو الكذب وقول الزور وأكل وشرب وعمل ما حرم الله....
ب - السلوك المتحكم فيه
الاتزان في الحب والبغض والعمل بالأخلاق والقيم الحميدة وتفعيل المناخ الأسري والتواصل والتعايش المجتمعي بقيم السلم في البيئة الحاضنة للأفكار والعواطف والمال وتهذيب النفس بالفكر والتعقل والانصات والحوار وقبول المشورة والنصيحة...
2 - الخوف من انتزاع الغطاء عن الشخصية التي تخفي ملامحها خلف جدار السلوك الفاضلي في تغليب عنصر الذكورة
3 - الجهل بعدم تقدير التأثيرات المستقبلية على النفس والأبناء
4 - تحويل المسؤولية من الأنا إلى الآخر
أفاقت من جديد بعد أن كانت تتزاحم الأفكار وخطورة القرار دون أن يكون لها رأي، وهي تبحث عن عنوان يكون ملجأَ وسنداً وفي ذات الوقت مبرراً لها بجانب قول أبيها «متى تتزوجين ونرتاح منك»
إنني لا أملك جواباً وليس في مقدوري السيطرة على فكرة الهروب من هذا الواقع الذي أبسط ما يمكن أن اطلق عليه مرٌ ومؤلم بقتل مشاعري والاستيلاء على فكري وسلبي حرية الاختيار من قبل أبي وظروفي الضاغطة ونفسي المثقلة بالهموم والآمال المستقبلية، ففي القرار انعكاس على مرحلة جديدة من حياتي كنت أحسبها جنان الخلد وحياة ملؤها الدفء الأسري الذي هو بمثابة الحرم المقدس تعويضاً عن الشتات وسوء الخلق والانحراف السلوكي وجميع أشكال العنف والحرمان منذ الطفولة بما ينعم به الأسوياء من علاقة انسانية أبوية رحيمة أبت - أن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن - فكان الذعرُ والتنمرُ والأسف والدموع هي الواقع الذي لا يفرق بين نهاري من ليلي ولا صمتي من حواري، هذه المشكلة التي أعدها خطيرةٌ على حياتي وحياة من سيكون في أحشائي تُخفي ورائها مرحلة من التفكير يقودني إلى قوتيين ضاغطتين أحلاهما مرٌ على النفس التي أصبحت تُدمي من الألم...!!
إما هدم هذا البناء والتحضير لمرحلة مجهولة، أو القبول بما أنا عليه وتحمل العواقب الوخيمة من ضعف واهمال وتنمر وكل ما كنت أهرب منه في حياتي مع أبي أعيشه اليوم مع من يسمي نفسه زوجي
ربي أسئلك بمن تحب وترضى أن تنير قلبي وتصلح من حالي وتُعينني على ما أنا فيه، ربي لم أفتري على هذا الرجل ولم أتمنى فوق ما يحق لي أن اعيش في كرامة وأمان نفسي وجسدي وصحة تعينني على متطلبات الحياة...
لم تكن الملابسات التي سطرتها لكم تعني أمورٌ ثانوية، ولا لموضوع بعيدا عن الواقع المجتمعي، ولا لدراما تميزون بها لمن؟ ومن؟ وماذا؟ وأين؟ وبأي وسائل؟ ولماذا؟ وبأيّ طريقة يصلح حاله؟ ومتى حدث ذلك؟
ليس لتهويل الأمر والاستحسان من جانب المظلوم ضد الظالم، ولا للتنصل من المسؤولية الفردية وتحميل المسؤولية للآخرين فقط.
استنفذت كل وسائل الاقناع التي كانت من قِبل الأهل ولجان اصلاح ذات البين في استمرار العلاقة الزوجية والسعي للإصلاح والترميم وتوضيح الحقيقة وبياناتها الكاشفة عن الصيغة المنطقية، والتفريق بين ما هو واقع مؤلم وما هو غير معروف ليستميل الزوج السامع له ساعياً للتأثير على اثبات عكس منطوقي وإنه قابل للتغيير، وله قلب ومشاعر يستطيع التغلب على ما يُقال من سرعة الغضب وممارسة التنمر ويمكنه علاج حالته النفسية لذا الجهات المختصة.
كانت الثمرة الحقيقية في اللقاء الأول تحويل مسار الصراع الزوجي في هذه الدراما للقبول بالرجوع للجهات المتخصصة الرسمية المستقلة التي لها من القدرات الفكرية والعلمية والسلوكية في قراءة وإدارة ونقد وتوجيه أسرار الحياة الزوجية التي يكتنفها ويخالطها شعورا عميقا أحيانا بالغبن والخوف والقلق على المستقبل، ولعدم استحسان التنمر والعنف والتصحر العاطفي والخلو من ملامسة مشاعر الطرف الآخر، وعلى أثر الصدمات السابقة واستمرار الصراعات الزوجية سعت الزوجة بتوجيهات الاخصائية لانقلاب الصورة النمطية وللإصرار على اطفاء أو الحد من بعض التحولات السلوكية المتأثرة بمظاهر الحياة وللموروث الذكوري الذي لا يقبل التوجيه والنقد ايماناً منه أنه قادر على إدارة دفة شأنه الأسري.
لم يكن الأمر هيناً على الطرفين والاخصائية النفسية العمل وفق المعطيات والأحداث المذكورة سلفاً، وبلورة تقنيات وطرق تحمل طابعاً عملياً يساعد في ارساء قواعد التشخيص والعلاج للإزالة سلوك غير مرغوب فيه، والعمل على ايقاف إيذاء الذات والسلوكيات الفوضوية الخاطئة المتوقع حدوثها مستقبلا كما يسرد لكم على الورق فحضور الزوج دون دافعية ولا رغبة إنما كانت للرهبة وعدم الاستحسان يخالج النفس بالتوقف أحياناً عن حضور الجلسات العلاجية، إلاّ أن دافعية الزوجة واصرارها وشروطها لاستمرار الزواج كان له الأثر الكبير في الخروج من دائرة الخوف والقلق والعبوس والاحساسات المتعارضة بين الاستمرار من عدمه الذي جعل من نهارها كحلكة الليل البهيم وسماءها الملبدة بالغمام من الظلم الذي لم ينجو منه هو والمحيطين به..
استمرت جلسات العلاج للزوجين ما بين معالج نفسي واجتماعي فاستطاعا الفارسان ببراعة في هذا المضمار لتمكنهما العلمي وحلمهما وصبرهما ترك مساحة للمسترشدين للفضفضة لتنشأ بين المعالج والمسترشد الثقة للمساعدة في تقليص المسافة المناسبة لكل مرحلة زمنية فكرية سلوكية يستطيع من خلالها المعالج اعادة التوازن في المواقف والأفكار والمشاعر والأحاسيس الجسدية وردود الأفعال للبناء النفسي والسلام الداخلي والسكينة في رحلة العلاج لإعمال العقل والفكر واشباع النفوس ببريق الأمان والآمال المستقبلية ليضمحل ويخبو الكثير من أعراض المشاكل النفسية التي يمكن التعامل معها بالعلاج المعرفي السلوكي واطفاء الأفعال المشينة منهما والقناعات التي كانت تنذر بالخطر للسلوكيات والنزوات المشبوهة تحت عنوان الذكورة والموروث وانعدام القيم والأخلاق فرُسمت بعض الصور الزاهية والحانية التي تنبض بالحياة والمستقبل للبناء المسؤول الذي يمثل اتخاذ القرار وكشف الأخطاء والانماط المعيبة واستيعاب دوافعهما بالإنصات وليس مجرد استماع، وهي سمة رئيسه في عملية العلاج النفسي لشعور الطرف الآخر بالتقدير والتفهم وليست علاقة فوقية هجومية، كما أن هناك ملاحظة مهمة جدا على المعالج اخد الحيطة والحذر منها وعدم الخوض فيها نهائيا «المعتقدات الدينية - التوجهات الفكرية - الجنسية» إلاّ بحدود ما يخدم العلاج وفي أضيق نطاق ممكن.
إن عصفت بكما الحياة وكنتما في حاجة دائمة للدعم والمشورة لإصلاح الخطأ إن وقع، فعظمة الإنسان الذي انتصر على طبيعته وأصبح قادر على التحكم في كثير من طباعة وان بعدت المسافات واتسعت دائرتها التي تدخل في معالجات الموضوعات الخاصة التي تسمح لأفرادها بالتشاور والانفتاح والقرار المشترك وممارسة السلطة والاعتراض بقول ”لا“ ودون لكن
لا... لانقطاع عن الجلسات العلاجية والاعتراف بأن لها أولوية
لا... للاستمرار للمشكلة
لا... للأفعال المشينة
لا... لإيذاء الذات
لا... لاختراق الحدود والسلوكيات والقيم الإنسانية
لا... لا إنكار الحقوق الزوجية والاعتراف بالمهام المشتركة
لا... لتضخيم الأمور ووضع افتراضات وهمية تحمل في طياتها الظن والريبة والشك
لا... للقلق والخوف الزائد الذي يتحول إلى مرض
لا... لاختلال ميزان الأخلاق
لا... لا للتراخي... وللشدة الزائدة المخالفة للشرع والعدالة والقانون والكرامة الإنسانية
لا... للإحساسات الخادعة أو المتضخمة التي تحمل بدورها جوانب لأفكار سلبية مقيتة تعمل على شقاء الإنسان بتضخيم الأنا المتعالية والشعور بالأحقية والتمييز بين الجنس «الذكر والانثى» فيقعا في سوء الفهم أمام القوة العمياء التي إذا ما انفجرت كونت تجافي وتباغض وتنافر وتناحر وتصارع وتصحر حتى يطفوا على السطح، فتضيع القيم الأخلاقية ويكون الشقاق والخصام عنوان حياتهما اليومية متناسين أن الشقاء والآلام والاحساس بالتعاسة والتلذذ بإيذاء النفس والآخرين مشاعر لا تتكون من تلقاء نفسها دون أن تكون هناك مزيد من الضغوط الحياتية والنفسية وفي نكرانها مزيد من صور السخط والاضطرابات النفسية والأسى والشقاء والخلاف المفقد للأمان النفسي والجسدي والزوجي
لا... لا انكار مسؤولية الطرفين «الزوجين» التي تحملهما معالجة المؤثرات والمثيرات المحيطة بهما والتي تتسلل إلى حنايا النفس وتعمل على استدراجها باللهجة ونبرة سلبية قاتلة للحياة الزوجية عوضا عن التسامح والعطاء والتواصل والألفة والمحبة بصورة حانية متوقدة بالرحمة والمشاعر التي يملؤها الحنان الممتزج بالمحبة والمودة والاحترام المتبادل والكرامة والأخلاق والقرار المبني على الاعتقاد العميق.
إن مسؤولية الزوجين السعي لتجنب العقبات وازالة ردود أفعال وصفات السخط والاشمئزاز والأنانية والتمييز بين الجنس وممارس العنف وتنمر النفوس بالأفعال المشينة التي لم تهذبها الصرخات القانونية والقيم والأخلاق فيسلب لُباب العقل حرية التأمل والتدبر والتفكير، ولا يكون على القلب والروح أدنى سلطان... إلا بعدم الاستسلام من جانب العقل للاستمالة والإغواء والتأثير وتضخيم الأمور وممارسة القوة السلبية في اطار التوجهات الاجتماعية والعادات الموروثة التي من شأنها تشل إرادة المرء وتحول بينه وبين أداء الواجب المتصل بالحقيقة والبرهان الذي لا يدخل ضمن المقارنات ولا يقبل الجدل.
إن ملابسات التهويل والإصرار على إثارة الغضب والممارسات المشينة وانكار المسؤولية والاهمال والوقوف المتفرج أو الهروب من الواقع دون السعي لمعالجة العواقب الوخيمة في مهدها من كلا الزوجين وعدم اللجوء للجهات المتخصصة يشكل مضاعفة لتضارب المصالح المثيرة لصراعات والانفعالات الزوجية حين تقف عند المظاهر العابرة وما يشوبها من تفكك مشوش لوجود رواسب مفقدة للاطمئنان لكثرة الاحساس بالألم والجوع العاطفي وسوء السلوك واختلاق المشاكل الظنية للنقص والنضج الوجداني في فهم النفس ومعرفتها وعدم القدرة على التعبير والتواصل في فهم الآخر المبني على التخمين والاستنتاج الذي لا يستوفي تعميق الحقائق في دائرة الخلافات الزوجية ونحن على ايمان عميق، لم يعد هناك مجال توجيه أصابع الاتهام واللوم أو أخذ الأمور على عواهنها في القضايا الأسرية الا أن يختل ميزان الاعتراف بعدم بوجود مشكلة لضعف الادراك أو لاختراق الحدود الشخصية وعدم الالتزام بالقيم والأخلاق والنظم القانونية وضياع الحقوق وازدياد القلق على الأمان النفسي والجسدي والقبول أو الصمت بما هم عليه يُعد من المراحل الدفاعية الأولى السلبية لإنكار المشاكل الزوجية النفسية - الاجتماعية الأسرية - الاقتصادية، والموضوعات التي تجعل منهما يكونا على وعيٍ كافٍ في إدارة خلافهما بما يكفل الحقوق والوجبات والالتزام بالعهود والمواثيق والثقة التي تعد من أهم الروابط الأساسية التي تحد من عدم الإهمال المتبادل والسعي في تدارك الاختلافات وهي في مهدها قبل أن تتفاقم وتصل إلى طريق تنعدم فيه البصيرة ويزداد فيه الاهمال بالقيم والأخلاق ورفض الزوجين بالتدخل العلمي من قبل المختصين قبل أن تطفو المشاكل على السطح وتتعقد الأمور وتصل إلى ما لا يحمد عقباه من تنمر وعنف وتباين عاطفي وسوء وضعف تواصل بينهما وهدم خريطة المحبة والتقدير الأسري وأحلام شريك الحياة لفقد المقدرة على إدارة الصراع وعدم السيطرة على الأمراض والمتاعب والصدمات اليومية التي تفقدهما امكانية لملمة الأزمات والتجارب الضاغطة التي كثيراً ما نطلق عليها بالصدمات النفسية ونقسمها إلى قسميين:
- الأول: الصدمات الكبرى التي تشكل تهديد وجودي وتحتاج إلى دعم مباشر وسريع من قبل الطبيب والأخصائي النفسي لمعالجة الكرب ما بعد الصدمة
- الثاني: نطلق علية الصدمات الصغرى للعلم باكتشاف المرض وتحديد خطره أو الإخفاق الدراسي أو العمل أو خسارة مبالغ مالية أو الفشل في استمرار العلاقة الزوجية وإن كانت هذه بشكل أساسي تحتاج إلى الدعم الأخصائي النفسي السلوكي المعرفي وأحيانا بالتعاون مع الطبيب النفسي لاحتواء مرحلة الانكار وحالة الشعور المؤجج للغضب أو الاكتئاب والذي نميزه بانخفاض مستوى التواصل وزيادة الشعور بالتعب الدائم والتشاؤم والرغبة في النوم والانعزال عن المحيط.
*هل أنت ممن يدينون الأب المتحكم في أبنائه؟
*بماذا تصف الأب الذي يده تسبق كلماته مع علمك أن من مهام الآباء حماية أبنائهم من أشكال الإيذاء النفسي الجسدي وتوفير الحياة الكريمة لهم؟
* ماذا تقرأ في موقف صمت الأم السلبي وقبولها بمسيرة حياتهما وعدم اعتراضها على تزويج ابنتها من شخص له تاريخ مشيئين؟
* ماهي وجهة نظرك في سن الزواج؟
*هل يحق للفتاة القبول أو الرفض؟
يا لها من اجابة بسيطة لكنها صعبة التنفيذ لكسر بعض القواعد عند من قيد مساحة حرية الفتاة باسم العادات والتقاليد والموروث العقدي.
* تقيمك لاضطراب صورتها الذاتية عن نفسها، هل تعده مؤشر سلبي بُنيت عليه جميع الأحداث بفقدها الاهتمام والانسحاب من الحياة العامة والخاصة؟
* السلوك المتحفظ في مراجعة الاخصائي هل كان متأخر؟ وهل أنت ممن يؤيدون الرجوع لجهات ذات الاختصاص أو تكتفي بتدخل الأهل أو بمن يطلقون على أنفسهم جهات اصلاح ذات البين دون نكران دورهم الايجابي وإن شمله القصور؟
* هل يملك الزوجان الشجاعة لتجاوز هذه المرحلة والسعي للتعافي؟
بطلة مقالتنا لا زالت محلقة وهي تبحث عن نيل حقوقها وبلورة تطلعاتها ومطالبها ومسائلها ومشكلاتها على أن تعيش في مجتمع يقيم وزناً لحاجاتها الملحة المتوافقة مع الكرامة الإنسانية تمهيداً ومصاحباً لإنهاء حالة البؤس والتمييز وممارسة الدونية باسم الذكورة المخالفة للفطرة والعاصفة بها كإعصار من الشرور يهبط بها نتيجة عدم الاعتداد بمنطقها وتفكيرها وإن لها وعليها حقوق وتبعات أخلاقية قانونية واحترام ما ساد في المجتمع اتجاه نفسها وحياتها الأسرية والمجتمعية.
كثيرا ما يُمارس أو يُشارك المرء أو يتبنى سلوكيات فيها من التعابير لأفكار وخواطر نفسية ظنية لها صدى لآراء تمثل تياراً فكرياً عقدياً أو مباني لموروثات اجتماعية ذات صلة بالمرئيات والمحسوسات لعلاقتها الحساسة بتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة لا تابعاً ولا متبوع، بل حياة ومسؤولية مشتركة طوعاً أو كرهاً أوجبت المماثلة في تأدية الواجب للاستقرار الحياة بينهما بالحق والعمل بالمعروف في بيئة حية تنموا فيها الثقة والتواصل والحوار والاستماع للرأي الآخر والجدية في اصلاح الخلل الذي تم هدمه على مدى زمن، والعمل بخطوات جادة مع التقدير الزمكاني والعقدي والطبي والقيم الأخلاقية من احترام الخصائص والفروق الجوهرية بخلاف السعي للمنفعة واللذة الحسية العابرة فقط التي تملك وتخضع الموروث لصالح الرجل وتلوي عنق بعض النصوص خلافاً للشريعة والعقل والمنطق والكرامة والفطرة التي لا يمكن أن تكون طريقاً إلا للنفع والخير والأمور المحققة للتوازن المثمر للخروج من الذات وفتح آفاق للمعارف وللفكر الإنساني وتنظيم القوانين والعهود والمواثيق والتوجهات لميادين المعرفة والمشاعر السامية في القول والفعل.
من أعماق النفس الإنسانية لتلافي الآفات والصراعات الزائفة وأنصاف الحلول التي تتمظهر في الخلافات الزوجية والاستسلام للملذات وتغليب عنصر الجنس الذكوري على المرأة وردود الأفعال الطائشة والمبالغة في توجيه الأمور التي تهدد الترابط الزوجي والتلاحم الأسري والمجتمعي ليس فقط لأنها تمارس تحجيم أو تضخيم الخلاف وكثرة العتاب واللوم وحجب الحوار وممارسة الإهانات التي تقلل من قيمة الآخر وعدم المحافظة على خصوصية أسرار العلاقة وضياع عنصر التسامح والرحمة وممارسة القسوة والجحود، هذه الصفات توحي بعدم الثقة المتبادلة والمعمية للقلب والحاجبة لأسباب البصيرة والسعادة والفطنة وإن كانت خاضعة للتغيير والتوجيه وقابلة للتقويم الذي أساسه الصواب في المشورة.
لاشك أن الإنسان السوي يسعى لتحقيق آماله واحتياجاته ومشاعره وطموحاته والإصلاح من شأنه، رغم وجود الساخطين والتجارب المريرة والتبعات المثقلة بالهموم لكثرة الظلم والظن وسوء الخلق من منكرات وموبقات واهمال الواجب وترك حابلها على غاربها فكانت دائرة الهوة بين الزوجين تتسع وتسوء وتتسارع حتى أصبحت حياتهما على المحك دون أن يشعر الزوج بالذنب والسعي للشفاء وأن كان يخالجه شعورٌ أحياناً بالذنب المُبهم والنابع من عدم قدرته على ارضاء زوجته وتحقيق ما تتوقعه منه، هذا ما زادها شعورا بالتعاسة فقفزت للواقع اجابة: أن لكل شيء أصل وسبب يدرس الأبعاد والصعوبات الاجتماعية النفسية الاقتصادية السياسية العقدية القانونية التقاليد والأعراف كذلك هي ليست بمنأى عن الحياة الزوجية، هنا أحدثت الزوجة الفرق بالارتقاء والاصرار والبحث عن جهة متخصصة للحد من فوضى الاضطراب النفسي والسلوكي والسعي المتواصل للتنشيط العلاقة الزوجية واستقرارها، فثبت انطلاقتها التي تغمرها بمشاعر معالجة حالة تحريك غريزة البقاء لمواجهة الأزمات المريرة والأحاسيس والنزاعات والرغبات والخلافات الزوجية التي أصبحت على المحك وعليها أن تُبرهن بمهارة اتخاد القرار وتوسيع مساحة دائرة التفكير والقرار للحد من المشاجرات الزوجية ومعالجة القسوة والصرامة والاضطرابات النفسية بالاستعانة بجهات متخصصة وعدم الهروب من مواجهة الخلافات التي في تركها يعرضها في مرحلة ما إلى أزمات وتجارب ضاغطة من الألم الشديد والاضطراب وعدم الاستقرار النفسي في اتخاد قرارات غير متزنة بالقبول أو الخضوع غير المشروط لمستقبل مجهول!