آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

أعد المشهد الذي عشته سابقاً

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

على الرغم من حالات عدم اليقين التي تكتنفنا، ثمة حقيقة يجدر بنا أن نعيها، وهي أن الرهان الجوهري على حياتنا، هو ذلك البرهان الذي نقدمه من أجل إثبات رغبتنا وقدرتنا على التغيير وحب الحياة، ففي طفولتنا توجد فترة من الخوف الشديد من أنفسنا وعدم الثقة بقدراتنا، هو خوف من الفشل، وهو شيء يدعو للتأمل، هنا أحاول تحريك الذكريات وأعيد المشهد الذي عشناه سابقاً.

هذا الخوف الذي سيطر علينا فترة من الزمن يجب أن يختفي إلى الأبد من أجل أن نستوضح أنفسنا، ونحدد مسارنا، ونعيد النهضة لأنفسنا وقدراتنا وقراراتنا، إن تحرير أنفسنا من الخوف من الفشل يبدأ عندما يكتشف الإنسان أنه مدفوع نحو اتجاه معين ونحو أفق ما قد يكون متناهياً في الدقة، والخوف يفسد الهمة، فهو يجعلنا عرضة للابتزاز، والتقزم، والسكون، والتراجع حيث نقطة الصفر، لذلك نحتاج إلى فترة لنتفرغ لإصلاح نفوسنا الخائفة من الفشل ولنعالجها بشتى الوسائل ومختلف العقاقير، فنحن ننازع النهضة النفسية والتي يفترض بنا تنميتها لا قمعها، فأغلى ما نمتلك هي نفوسنا التي أرهقناها بالعدْو طويلاً في طرقات الخوف من كل شيء، ولو تأملنا الباحثين فهم ينظرون إلى قوانين الفيزياء باعتبارها برامج حاسوبية، وإلى الكون باعتباره حاسوباً، لم يكن للخوف من الفشل مكان لديهم، ولم يكن رأي الآخر حاجزاً يقف أمام منجزاتهم، وقد لا نشاطرهم تفوقهم ونجاحاتهم، لكننا نسجل لهم أنهم يمارسون حريتهم في التفكير فيما يريدون، «بل وفعْل ما يشاؤون» دون أدنى خوف من الفشل، وبمستويات عالية من الثقة والاطمئنان..

هنا يتجلى عمق قيمة الحياة، وأهميتها لديهم تكمن فيما قدموه لها من علم وإنجازات، من التفكير، والفرح الطويل، والسعادة، والتغيير، والتجربة، والنهوض من واقع لا نرغبه إلى واقع ننشده، فحياتنا ليست ملكاً لنا وحدنا، إنها لماضينا ومستقبلنا الذي لم نحاول قشع ضبابيته، ولأن الواجب يفرض علينا أن نقرض شرانق عقدنا وانهزاميتنا، فمن يجابه العاصفة يتغلب عليها، لذلك خلق مجتمع صحي نمارس فيه فضيلة التفكير بذاتية واعية، وحياة نشارك في صنعها وتخطيطها، مبتعدين عن دوائر الخوف ومثلثات الجهل وانحناءات الهزيمة، باحثين عن أسباب تخلفنا عن الركب، ووقوفنا عالقين في وسط الطريق، يحق لنا أن نعيش دقائق انبهار جميل وقلق مع العالم إثر صحوة فكرية منشودة تنقلنا من حال إلى حال، ليستيقظ فينا الجوهر الواعي، ونخرج إلى النور، وننفلت من كهف الماضي، ونغرق في نهر الحضارة.