أشهر حصارات المدن في التاريخ
هذا عنوان كتاب للكاتبة اللبنانية «مي علوّش» صادر عن دار الطليعة - بيروت عام 1994، يتناول حصار ستة عشر مدينة من طروادة إلى برلين، أي أنه يغطي فترة أكثر من 2500 سنة من التاريخ البشري.
تقول المؤلفة " جمعت المعلومات وقدمتها في كتاب واحد ليطلّع عليها من يحب أن يطلّع، وكل همّي أن يحيط بهذا الموضوع العدد الأكبر من شعبنا، لأنه شعب يقف الآن على مفترق عدة طرق خلال الحصار الصهيوني لبيروت عام 1982، ولعله يأخذ عبرة من تجارب الشعوب الغنية فيقتدي بمن وقفوا وقفة صامدة ودافعوا عن شرفهم في التاريخ، إذ يعتبر الحافز الرئيسي الذي دفعني إلى جمع المزيد من المعلومات عن المدن المحاصرة فيما بعد.
اعتمدت المؤلفة أسلوب السرد التاريخي المبسط لكل حصار على انفراد، وأرفقت ذلك السرد بمعلومات جغرافية وتاريخية وسياسية متنوعة تساعد في وضع القارئ داخل الإطار العام الذي شهد ذلك الحصار.
ذلك أن محاصرة المدن إنما تكون تتويجا لمرحلة طويلة من التطورات، وكذلك صمود المدينة أو سقوطها يفتح الباب واسعا أمام مستجدات قد تغّير وجه التاريخ في منطقة ما في العالم.
الحصار الأول في الكتاب هو ”حصار طروادة“ والمعلومات بهذا الشأن تمزج الأسطوري بالتاريخي بحيث يصعب الفصل بينهما، وأبرز مصدر لها هو إشعار هوميروس في الإلياذة، وقد اشتهرت عالميا إلى حد أن عبارة ”حصان طروادة“ صارت مثلا يضرب للدلالة على الخيانة في الحرب.
لكن الأبحاث الآثارية في منتصف القرن الماضي أكدت وجود المدينة، ورجحت أن سقوطها على يد الأسبرطيين كان بحدود 1240 ق. م. وآخر مدينة تحدثت عنها الكاتبة هي برلين التي سقطت بيد القوات الحليفة، وخصوصا القوات السوفيتية في أعقاب هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وسقوط هذه المدينة بعد حصارها القصير وضع حدا لنظام دولي قديم في أوروبا وأقام على أنقاضه ”نظاما جديدا“ سرعان ما تحول إلى ”حرب باردة“ بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.
المدن التي تضمنها الكتاب هي: طروادة «حاصرها الأسبرطيون»، أريحا «العبرانيون»، صيدا «الفرس»، صور «اليونانيون»، روما «القرطاجيون»، قرطاجة «الرومان»، أنطاكية «الصليبيون»، القدس «الصليبيون»، بغداد «المغول»، القسطنطينية «العثمانيون»، غرناطة «الأسبان»، بيروت «الروس بالتحالف مع ظاهر العمر»، عكا «الفرنسيون بقيادة نابليون»، لينينغراد «الألمان»، ستالينغراد «الألمان»، وبرلين «الحلفاء»، تم اختيار المدن من قبل الكاتبة حسب منهجية اعتمدتها وفق اتجاهات ثلاثة:
1 - تاريخي، كما في حصار طروادة «الأول في العالم»
2 - معاصر، كما في حصارات ستالينغراد وبرلين وغيرها.
3 - وطني، كما في حصارات أريحا وصيدا وبيروت والقدس.. الخ. من خلال قراءة الكتاب أرادت المؤلفة تصوير معاناة الشعوب وهي ”تعيش أقسى حالات الحصار العسكري والنفسي والتمويني“ ونجحت بجدارة في نقل تلك الصورة إلى القارئ والمواطن العربي فتذكره بأهمية ألا يتجرد الإنسان من وجدانه وفكره ووطنيته.