آخر تحديث: 3 / 12 / 2024م - 7:35 م

الدبلوماسية السعودية والحل السياسي في اليمن

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

بينما ينشط الحوثيون في استهداف المنشآت المدنية والاقتصادية في المملكة، ويصعدون من الهجمات الإرهابية ضد مراكز حيوية تستهدف قطاع النفط والطاقة؛ تنشط الدبلوماسية السعودية إقليمياً ودولياً من أجل عزل الحوثيين والراعي الإقليمي لهم، أي نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وذلك بهدف الدفع نحو حلٍ سلمي - سياسي للأزمة اليمنية.

”التحالف العربي“ الذي تقوده السعودية، يواصل من جهته ضرب المواقع العسكرية للمليشيات الحوثية، التي تنطلق منها الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية تجاه المملكة والإمارات.

إذن، هنالك مساران يعملان بالتوازي، يعتمدان على القوتين الناعمة والخشنة، والأخيرة تأتي بهدف الردع، وصد الهجمات، وأيضاً دعم المسار التفاوضي الذي هو المخرج الوحيد والعملي للأزمة اليمنية.

إبريل 2021، واثناء حوار متلفزٍ معه، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: إن ”الحوثي في الأخير يمني، ولديه نزعته العروبية واليمنية، التي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر، ويراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر“.

هذا الحديث الصريح، يدلُ على أن الرياض جادة في إيجاد حل سياسي، تفاوضي، يوقف الحرب، ويدفع نحو حكومة شراكة وطنية يمنية، يتمثل فيها جميع الفرقاء، بعيداً عن استئثار حزب أو جهة بنفوذ على حساب بقية اليمنيين.

السعودية لديها ”رؤية المملكة 2030“، وهذه الرؤية لكي تتحقق لا بد من وجود مناخ سياسي وأمني مستقر، بعيداً عن الاضطرابات الإقليمية. ومن هنا، فسياسة خفض التوترات، ليست مجرد تكتيك، أو حاجة آنية، أو مناورة سياسية، أو مجرد حملة دعائية لتحسين الصورة أمام الدول الغربية والولايات المتحدة، كما يروج البعض؛ وإنما هي سياسة سعودية تنبع من مصالحها الوطنية أولاً، ورؤيتها لأمن واستقرار الإقليم ثانياً، ورغبتها في وقف ما تسببه الحروب والصراعات من استنزاف مالي وبشري، وأيضاً تروم المملكة خلق بيئة سياسية واقتصادية وثقافية في الخليج، مستقرة، إصلاحية، تمنع نشوء الحركات الإرهابية، وتدفع خطابات التطرف إلى حدودها الدُنيا؛ وجميع هذه الأهداف تحظى بأهمية بالغة لدى السعودية.

هنالك حوار - وإن تأجلت جولته الأخيرة - بين السعودية وإيران، وهنالك مبادرة سعودية لحل الأزمة اليمنية، يضاف لها دعم من الرياض للمبادرة الخليجية لوقف الحرب اليمنية، وأيضا نشاط دبلوماسي من الخارجية السعودية في رفد جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، الذي يناقش هدنة محتملة في اليمن خلال شهر رمضان، الذي يبدأ في مطلع أبريل القادم.

هذا النشاط الدبلوماسي السعودي، يريد أن يضع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف اليمني أمام مسؤولياتها التي عليها القيام بها، لأن ”تصعيد الحوثيين يهدد أمن واستقرار المنطقة“، كما قال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، الذي شدد على ضرورة ”الضغط على الميليشيات الحوثية من أجل وقف تهديداتهم للملاحة الدولية“. وهو الأمر الذي دفع ”مصدرا مسؤولا“ في الخارجية السعودية إلى الحديث بوضوح عن أن ”السعودية لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية، في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية، من الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران“.

إن الحل للأزمة اليمينة مفتاحه الأساسي إقناع الحوثيين ومن خلفهم الإيرانيين بأن استمرار الأزمة والعمليات الإرهابية، لن يمر دون عقاب، وستكون له عواقب وخيمة على الشعب اليمني، وعلى أمن المنطقة، بل إن استمرار تهديد ”أمن الطاقة“ من الممكن أن يرفع أسعار النفط والغاز لمستويات تاريخية، مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ما يعني أن تصفير الأزمات في الخليج هو أولوية ليس لدوله فقط، بل حاجة إقليمية وعالمية ملحة، ويجب العمل عليها بجد وصرامة.