هل أخطأ المثقفون في قبول الرواية الرسمية لوباء كوفيد - 19 سريعًا.. سيمون جنكينز أنموذجًا
كتب سيمون جنكينز [1] مقالًا في صحيفة الغارديان البريطانية يوم الجمعة 25 مارس 2022، بعنوان ”قبل عامين قبلت حكاية وباء كوفيد Covid على مضض - ربما كنت مخطئًا“ [2] ، والسطور التالية هي ترجمة بتصرف لهذا المقال.
كان شهر مارس في 2020 بمثابة كابوس في لعبة التنبؤ. لكنني أقف بحزم في أن بعض شكوكي بشأن استجابة المملكة المتحدة للوباء قد أثبتت نجاعتها. نعم، كتبت يومها: ”حين يأتي الربيع، ستكون الأزمة قد مرت“ - والربيع كان على بعد أسبوعين فقط.
يجب على العلماء أن يرجعوا عامين إلى الوراء وأن يعيدوا النظر في تنبؤاتهم بشأن فيروس كوفيد، وكذلك يجب على المعلقين الذين اعتمدوا عليهم فعل ذلك. كان مارس من عام 2020 بمثابة كابوس فيما يخص لعبة التنبؤ العظيمة.
كان المؤتمر الصحفي لبوريس جونسون «Boris Johnson» في 3 مارس مناسبة يشوبها الحذر. كان قد تلقى للتو تقارير مهيجة من مثيري الذعر في ”وايتهول“ «Whitehall» يعلنون أن 80% من الأمة ”يمكن“ أن يعاني من مرض قاتل يؤدي إلى وفاة نصف مليون شخص. كان شعوره بالارتياح من علمائه القريبين منه «داخل الدائرة»، متجهًا نحو ”مناعة القطيع“ «herd immunity»، كما أشار كبار مستشاريه، بمن فيهم باتريك فالانس «Patrick Vallance». استمرت الإحاطات اليومية والهستيريا حتى 23 مارس، عندما كان جونسون يعاني من توترات تغيير موقفه. كان استسلامه للإغلاق الشديد فظيعًا للغاية بحيث يصعب على أي شخص تابع حجته حتى تلك اللحظة أن يتفق معه. غيّر معظم المعلقين مواقفهم بسخرية وقالوا إنه كان يجب أن يكون «جونسون» استسلم مبكرًا ودون إبطاء.
كان تفكيري أننا مررنا بروتين ”الاستنفار الكاذب“ «crying wolf»، كان هذا حدث كثيرًا في الماضي، بما في ذلك من مصممي ”نماذج إمبريال كوليدج“ «Imperial College» وربما أصدقائهم في جماعات الضغط في شركات الأدوية الكبرى «big pharma». في عام 1997، سمعنا أن الملايين ”قد يموتون“ بسبب إنفلونزا الطيور، ومن سارس في عام 2003، ومن أنفلونزا الخنازير في عام 2009. تحصل العلماء على مبالغ طائلة من الحكومة، بما في ذلك 560 مليون جنيه إسترليني للقاحات إنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير بقت في المستودعات ولم تستخدم. كانت ”إمبريال كوليدج“ تخوّف جونسون وقتها ب ”سيناريو أسوأ“، في أفضل الحالات أنّ نصف مليون حالة وفاة إذا رفض الإغلاق التام عاجلاً، ناهيك باقي التكلفة.
كان ردي كما هو متوقع من أي شخص عاقل. لم يكن هناك ما يشير إلى أن هذا الوباء يختلف عن الأوبئة السابقة. كانت ”ذئاب العلم الكبار“ تلاحق عناوين الأخبار والمال، وكان ينبغي أن تؤخذ مع قليل من الملح، «كما يقال، أي بشيءٍ من الشك.» أنا حقًا كتبت يومها: ”حين يأتي الربيع، ستكون الأزمة قد مرت“ - والربيع كان على بُعد أسبوعين فقط.
مع تقدم شهر مارس، كان كوفيد يجتاح العالم بشكل واضح، من آسيا إلى إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبولندا. بحلول أوائل أبريل، كانت البلاد في حالة إغلاق تام وكان كوفيد شديد القسوة بما يكفي لأعترف: ”كنت مخطئًا، أو أعتقد أنني كنت كذلك“. من الواضح أن هذا لم يكن سارس آخر. لكنني تمسكت بإيماني أنه سينتهي قريبًا. لقد شعرت بالارتياح من السياسة التي اعتمدها رئيس الصحة السويدي، أندرس تيجنيل «Anders Tegnell»، الذي كان يرفض الإغلاق «lockdown»، ويتبع التباعد الاجتماعي الطوعي والاعتماد على مناعة القطيع بدلًا من الاختبار الصارم للتتبع والعزل للأنظمة في الصين وتايوان.
مع تقدم الصيف، افترضنا أن كوفيد قد انتهى وأننا سنتعرف على الاستجابات الأكثر فعالية. لم نتعلم شيئا. أسفرت عمليات الإغلاق الصارمة في الصين وإيطاليا ونيوزيلندا والدنمارك وبريطانيا عن تفاوت بين أعلى وأدنى وفيات لكل مليون. لقد نجح الاختبار والتتبع الصارمان في كوريا الجنوبية، لكن السويد نجحت بدونهما. صحيح عانت السويد من تفشي المرض بشكل سيئ في دور الرعاية الخاصة ولكن ظل الوضع العام أفضل حالًا من المملكة المتحدة وإسبانيا.
لكنّ حدثين دراماتيكيين في نهاية عام 2020 أزالا هذه المقارنة من طاولات المناقشات والأدبيات. الأول كان ظهور موجة ثانية خبيثة من كوفيد - ثم ثالثة. والثاني هو تطوير اللقاحات والإسراع في إنتاجها. تم الإطاحة ب ”آلهة الاختبار والتتبع“ بين عشية وضحاها من قبل التطعيم «jabs» والجرعات المنشطة «boosters». أنهت الطبيعة غير المتوقعة في كلا الحدثين الكثير من الجدل.
التطعيم غير شروط الحوار، وفي بريطانيا تخلص جونسون من خطابه المتقلب. منذ ربيع عام 2021، أفسح التشاؤم من كوفيد الطريق للتفاؤل فيما كان أحد الانقلابات الكبرى للعلم الحديث «the grat coups of modern sicence». لكن أولئك الذين كانوا يكافحون من أجل تسويق حججهم مصرين على أن التلقيح كان له تأثيرًا كبيرًا في تقليل انتشار الوباء. ولكن، إذا كان التطعيم ناجحًا جدًا إلى هذا الحد، فلماذا استمر الإغلاق؟ هل كان يجب أن يسير الإغلاق مع الاختبار والتتبع في آن واحد، رغم أنه الإغلاق آلية قديمة مبتذلة كان يجب يتم إرساله إلى المتحف. وماذا عن الطفرات مثل أوميكرون؟ هل كان سيتم التعامل معها من خلال اللقاحات والأدوية، مثل الأنفلونزا؟، أم سيتم التعامل معها على أنهها جائحة متطور آخر، ليتم مواجهتها بالقوة الكاملة لاستئناف الإغلاق؟
الاستنتاج البسيط من العامين الماضيين هو أنه لا يزال من السابق لأوانه الوصول لإجابات. يجب أن ننتظر ”أم المسائل العامة“ «the mother of all public inquiries». المشكلة هي أن الإحصاءات البادئة في الظهور قد تقدم القليل من الإرشاد والتوجيه.
قال كبير الإحصائيين في الحكومة، إد همفرسون «Ed Humpherson»، للنُوَّاب مؤخرًا أن يتعاملوا مع الوفيات الزائدة على أنها أقوى مقياس للمقارنة الدولية. لقد مثلوا التأثير النهائي للوباء على صحة الأمة وطول العمر. ولكن هنا نواجه المزيد من الغموض. أبلغ المعهد الأمريكي للقياسات الصحية والتقييم عن أوجه تشابه غير عادية بين تأثيرات كوفيد في الدول. على سبيل المثال، كان لدى المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ممارسات إغلاق مختلفة ولكن معدلات وفيات زائدة ومتطابقة تقريبًا، وبتصنيف يقترب من أسفل مراكز ”الدوري العالمي“. كانت معدلاتهم أدنى من المعدلات في فنلندا المغلقة ولكن أيضًا في السويد غير المغلقة، والتي كانت نسبتها نصف تلك التي في بريطانيا.
هذا يشير إلى أن الجدل لم ينته بأي حال من الأحوال. قد يكون السبب في ذلك هو أن وفيات كوفيد لم يكن لها علاقة بالإغلاق، لكن أكثر بالكفاءة العامة للخدمات الصحية في مواجهة الحالات الخطيرة والتعامل مع الوفيات لأسباب أخرى في نفس الوقت. قد تشير الأدلة إلى أن الأمر الحاسم هو سلوك الثقافات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة في الاستجابة للإغلاق. انخفض الناتج المحلي الإجمالي للسويد في تلك السنة الحرجة «2020» بنسبة 2,9% فقط، في حين شلت بريطانيا نفسها بانخفاض نسبته 9,4%. هل يبدو هذا هو سبب موت المزيد من البريطانيين؟ كل هذا يقترب بشكل غير مريح من التساؤل عما إذا كان يجب عليَّ التمسك بموقفي الأصلي[2] .