طيور الربيع المهاجرة
طيور الربيع المهاجرة
تطلُّ من الزُّرْقةِ المُصْطَفَاة
وتخترقُ الأفقَ بالتلبيات
وتعلنُ في الجوِّ توقيعَها
على شكلِ إيماضةِ الأمنيات
وتهوي إلى الأرضِ حيث الحقولُ
كما لو تجلَّتْ مرايا الذوات
سُعَاةُ بريدٍ .. أمدَّتْ لنا
رسائلَها باختلافِ اللغات
بأسرابِها من بعيدٍ أتتْ
بما اختزنتْ من ندى البُشْرَيَات
مسافاتُها : فوقَ مقياسِنا
وما لم يقلْهُ كلامُ الرُّوَاة
كأنَّ الحضاراتِ مرَّتْ بنا
مُحَمَّلةً بالعُرَى والصِّلات
هوى موسميٌّ رأينا به
ضيوفًا على شرفِ المكرمات
يُعَلِّمُنا سحرُ ألوانِها
دروسًا من الفنِّ والفلسفات
بأجنحةِ السِّلْمِ كم تنطوي
رؤى الحبِّ واللطفِ والطيِّبات
طيورُ الربيع ، ويحلو الصِّبا
بما مرَّ من سالفِ الذكريات
نصبْنَا لها ( الفَخَّ ) في رغبةٍ
لصيدِ المُنى ، واقتسامِ الهِبَات
ولم تدْرِ أعمارُنا حينَها
بمقدارِ حُرِّيَّةِ الأغنيات
وما قيمةُ الطيرِ إلا الشموخُ
وما ضمَّ من عُنفوانِ الأُباة
ولاشيءَ يبقى إذا ما انتهتْ
حياةُ أغاريدِه المُشْتَهَاة
ولمَّا كبرنا طغتْ حولنا
وحوشُ التمدُّنِ ملءَ الجهات
رأينا الطيورَ دُمًى في السماءِ
وأصبحُ إحساسُنا كالرُّفَات !!
وماعادَ يوقظُ فينا الربيعُ
مُخَيِّلةً باتساعِ الحياة
فصيرورةُ الزمنِ المُدْلَهِمِّ
رمتْ كلَّ أحلامِنا في الشتات