آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

عن نهاية عصر الكبسة

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

الصور البانورامية اليوم في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي، ترينا مختلف مجتمعات العالم، وهي تتهافت على سلع معينة.

البعض يحذر عن أزمة جوع قادمة لا محالة، ولعل انعكاساتها سطعت في أسواق بعض الدول، الفرد يدخل إلى المركز التمويني ويركّز على سلعة من مشتقات القمح والحبوب، البعض يشتري كميات كبيرة، وفجأة نرى مستهلكين آخرين يشترون السلعة ذاتها.

الفرد منا لا يعلم أنه بهذا السلوك يثير فزع الناس حول إمكان اختفائها من الأسواق. خلال دقائق معدودة قد تنتقل عدوى الخوف لغيره!

هذا الخوف سنراه في الأيام المقبلة، وحتما سيكون التركيز على منتجات القمح والحبوب.

بعض الكتاب يتحدثون عن شد الأحزمة والتعامل بوعي مع ارتفاع تكاليف المعيشة، حتى أن أحدهم اقترح وسمًا في تويتر بعنوان «نهاية عصر الكبسة».

أعلم تمامًا تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا وهي تنذر بأزمة غذاء عالمية، فالحرب الآن بين بلدين من أكبر منتجي الحبوب وزيوت الطعام في العالم، حيث توفر روسيا وأوكرانيا نحو 80% من صادرات الزيت النباتي، كما يسهم البلدان بحوالي 30% من صادرات القمح، ونقص امدادات الغذاء لا يتعلق فقط بعقبات تعطيل الشحن من البحر الأسود، وإنما بالمحاصيل نفسها التي قد تحول الحرب دون حصادها. من الأهمية بمكان التعامل مع مثل هذه الأحداث بهدوء، ذلك أن استراتيجيات المملكة - مثلا - استطاعت تجاوز العقبات في طريق تحقيق الأمن الغذائي، فالمركز الوطني السعودي لقياس أداء الأجهزة العامة «أداء» للمؤشرات الدولية أشار في تقرير يونيو 2021، إلى أن المملكة قفزت للمرتبة الثامنة في ذروة الجائحة لمؤشر «مدى كفاية إمدادات الغذاء الوطنية» من بين 113 دولة، فيما تفوقت على 105 دول في نمو إنتاج الحبوب والخضراوات، قافزة 9 مراتب عن عام 2019.

المملكة تمتع حاليًا بأكبر طاقات تخزينية للقمح والدقيق بالشرق الأوسط، بما يتجاوز 3,3 ملايين طن بطاقة طحن يومية تتجاوز 15 ألف طن، إلى جانب ذلك، دعمت محاصيل القمح في السوق المحلية قبل 5 سنوات عندما كلفت المؤسسة العامة للحبوب بشراء محصول القمح من المزارعين، بسعر شراء وفقًا للأسعار العالمية التي تستورد بها المؤسسة أو 1250 ريالًا للطن أيهما أعلى.

بلغ حجم الناتج الزراعي 61,4 مليار ريال، تمثل 2,33% من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوزت نسبة الاكتفاء الذاتي من التمور 125%، ومن الخضراوات والدواجن نسبة 60 %، والبيض نسبة 116%، والحليب الطازج ومشتقاته نسبة 109%، والأسماك نسبة 55 %، ما رفع ترتيب المملكة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي للمرتبة رقم 30 في 2019 من أصل 113 دولة. ووصل حجم الإنتاج المحلي للفواكه «دون احتساب التمور» 800,4 ألف طن، ويأتي البطيخ في مقدمة المحاصيل بنسبة اكتفاء تصل إلى 98%، والشمام بنسبة 81%، والعنب بنسبة 59%، والمانجو بنسبة 52%، والرمان بنسبة 28%، والليمون بنسبة 25%، والعديد من محاصيل الفاكهة على مدار العام، وفق بيانات رسمية محلية.

أخيرا أقول:

الاستعداد للكوارث، تصرف عقلاني، لكن شراء 500 علبة طحين تحسبا لانقطاعه، لا يمت إلى المنطق بصلة، أما بلغة الأرقام فعصر الكبسة مازال مستمرا ولن ينتهي.