آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

القتل بصمت

عبد الرزاق الكوي

يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ

هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ

تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى

كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ

ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا

فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى

بِالْقَوْلِ مِنْك وَيحصل التسليمُ

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ

عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ

ابيات خالدة لأبي الاسود الدؤلي تصف حال ما تمخضت وكشفت عنه الازمة الحالية في اوكرانيا ومسبباتها ومن يقف وراءها ونتوقف عالمية سابقة، النقاش حول وجود معامل ومختبرات متعددة في اوكرانيا وارجاء متعددة من العالم تتبع كل تلك المعامل قوى، تدعي محاربتها في مكان وتعمل على وجودها في اماكن اخرى، وتنشأة تلك المعامل خارج بلدانها بسبب القوانين التي تمنع وجودها عندهم مما تسبب اخطار متعددة ومحرمة دوليا، السلاح المعني في هذه العجالة هو البيولوجي وهو من الاسلحة الفتاكة، ومن اخطر اسلحة الدمار الشامل باستطاعته نشر الاوبئة والجراثيم والفطريات والمكروبات المسببة لامراض متعددة للقضاء على أكبر قدر ممكن من السكان وتدمير البيئة، بسبب ذلك دمر العراق من قبل تلك القوى بحجة وجود اسلحة الدمار الشامل وقتل الكثير من ابناء الشعب العراقيين ولازالت اثار هذه الحرب يعيش معاناتها العراق وشعبه في مشاكل وازمات مستمره خلفها ذلك الاحتلال، ولم يجدوا اسلحة الدمار الشامل بل هي حجج واهية من اجل تدمير هذا البلد العظيم ولا يشكل العراق خطرا عالميا وبعيد عن مراكز القوى العالمية.

فإذا حورب العراق بسبب الشك في وجود المختبرات الذي تنتج اسلحة محرمة دوليا، اليوم يكشف مسؤوليته تلك القوى عن مئات المعامل والمختبرات السرية في انحاء العالم تحت رعاية وحماية من دمر العراق باستخدام مثل تلك الاسلحة أو ما شابهها من اسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا، فالعالم ما يسمى متحضرا تكنولوجيًا متخلف انسانيا يبتلى العالم اجمع بما تجود به نفسه المريض شرورا لا تعد ولا تحصى يتنقل من بلد إلى اخر مثل ما ينقل الوباء وتنتشر العدوى، مما يزيد من معاناة العالم المبتلى في رزقه وقوة يومه واستقراره وامنه والعيش بسلام.

الطفرة العلمية والتكنولوجية الغير مسبوقة تستخدم لمزيد من الدمار الشامل، تسبب أنواع لا تعد ولا تحصى من الامراض والأوبئة، لم تكفي هذا العالم الحروب السابقة وما استخدم فيها من اسلحة دمرت وقتلت وشردت وهدمت بنى تحتية في ارجاء العالم، حروبا ناعمة واخرى اقتصادية وغيرها من الحروب الدموية وبمسميات مختلفة والنتيجة القتل والدمار واستخدام مالا يخطر على عقل من اسلحة عسكرية محرمة دوليا، اليوم ينتج مزيد من السلاح الذي يقتل بصمت ولا يعرف المتسبب، وما يفعله الاعلام المظلل في التستر وغض الطرف عن مثل تلك الانتهاكات على المستوى العالمي والضحايا بالملايين بسبب الحروب وما تستخدم لكل حرب من أسلحة.

هذه المعامل والمختبرات التي تطور وتنشر أمراض متعددة شديدة الفتك وسريعة العدوى، وما سوف ينتج مستقبلًا، تمول بالمليارات تمويل سخي لاهمية مثل هذه الاسلحة في فكر وعقلية هذه الإنسانية البائسة، وهذا القليل ما تم الكشف عنه وما يخبئ المستقبل الا مزيد من المعاناة للانسانية، ما ترعاه تلك القوى ليس جمعية أو مؤسسات خيرية أو حمامة سلام تتنقل في ارجاء العالم، بل وجودها في مكان يعني الدمار والخراب والبؤس ومزيد من الحروب تجرب فيها اسلحة محرمة جديدة.

اليوم تجرم روسيا مع معارضة العالم لمزيد من الحروب، ومدى تأثير ذلك على الاوضاع الانسانية والاقتصادية، روسيا رفضت وجود مثل تلك المختبرات على حدودها بعد ما احاطت دول القوى العظمى هذا البلد بمختبرات شديدة الخطورة من اجل تقويض امكانياته واشغاله، لكن روسيا ليس العراق، فرغم الحصار والضغوطات وارسال كميات ضخمة من العتاد العسكري إلى اوكرانيا بمليارات الدولارات وهالة اعلامية مضللة لمظلومية الشعب الاوكراني وكانه الشعب الوحيد المظلوم والمنتهك سيادتها في العالم، وفي الحقيقة اوكرانيا يستخدم من قبل الدول العظمى خنجرا مسموما في خاصرة روسيا، المختبرات البيولوجية الذي اكتشفت ورفعت وثائق للمحافل الدولية بهذا الخصوص وممن تمول ومن يشرف عليها ليس وزارات صحة وابحاث انسانية، بل تتبع إلى وزارات دفاع وتمول من قبلها مما يعني ان ما ينتج من هذه المعامل اسلحة وليس بحوث من اجل صحة ورفاهية وتقدم الانسانية، وبسبب خطر مثل هذه المختبرات وحرمتها دوليا تتنصل القوى العظمى من مسؤوليتها عن المئات من المعامل في ارجاء العالم، تحت مسمى «التعاون لتقليل مخاطر الأمن البيولوجي»، وهذا قمة التزييف الممنهج والمتبع لتلك القوى في قلب الحقائق، تقتل القتيل وتمشي بلا استحياء في جنازته، وما اكثر القتلى من مثل تلك التوجهات الخطيرة، وهذا تاريخ حافل بمثل هذه الاعمال الوحشية واللامبالاة بأي قيم ومواثيق دولية، فرغم تحريمها دوليا وفضحها في وسائل اعلام حره ورفض شعبي لتواجدها لا زالت تتكاثر مما يخلق رعبًا عالميًا، هذه الاعمال بعيده عن المحاسبه وعن طائلة القانون يتمتع الموظفون في تلك المختبرات للحصانة الدبلوماسية يعملون تحت غطاء دبلوماسي رغم انهم ليس دبلوماسيين، حتى لا تطالهم المساءلة في الدول المتواجد بها ويعفى المشاركين في ممثل تلك المختبرات من المسؤولية الجنائية في حال كشفهم وتسببهم في نشر ما تنتج تلك المعامل واو ما ينتج عن تجارب فاشلة أو تسربات لسموم واوبئة أو بكتيريات، والخطر الاعظم ان يصل مثل السلاح البيولوجي إلى منظمات ارهابية لن تكون اقل شراسة عن فكر وصنع وانتج مثل تلك الاسلحة.

العالم اليوم يعيش اخطر مراحل حياته، فالانسان في ظل مثل تلك السياسات ارخص ما على الارض، يتفنن المتربصون به بجعله محط لتجارب شتى انواع الاسلحة المختلفة وكل سلاح اشد فتكا من الاخر، مختبر بيولوجي صغير قليل التكلفة وبمعدات قليلة وطاقم لا يتعدى عدد اصابع اليد مع قليلا من الجهد بامكانه القضاء على البشرية بصمت وخارج عن المسؤولية القانونية.