آخر تحديث: 6 / 5 / 2024م - 12:53 م

القيمة التراثية

عندما يرسم الفنان لوحته تتجسد أمام ناظره تفاصيلها فتكتمل وتظهر في أجمل صورها لتعكس رؤية الفنان وريشته التي أبدعت هذا الجمال التصويري الغني بالتفاصيل المؤثرة بتجسيد جميع معايير الفن الراقي الهادف، وهكذا تراث أجدادنا الممتد عبر هذه السنين يتحفنا برقي فنه وتنوع ثقافته فعندما نستشق عبق الماضي في داخلنا وننطلق لآفاق المستقبل يجب أن نحمل معنا عناصر الأصالة من موروثنا الثقافي والعمراني فللتراث أهمية كبيرة باعتباره رمزا للهوية الوطنية الخاصة بالمعارف والثقافات المتأصلة في الشعب والتي انتقل إليها من جيل إلى جيل مساهما في استمرارية وديمومة الموروثات بجميع أنواعها التي عززت الماضي بالحاضر والمستقبل فالعمارة والمقتنيات القديمة المستخدمة في الحرف والصناعات هي آثار مادية والجزء الآخر من التراث وبالخصوص الثقافي الغير مادي والذي يهتم بتقاليد وأعراف وعادات وطقوس متوارثة.

فالتراث ذات الصلة بتاريخنا يعطي الدافع والقدرة على المعاصرة بمحاكاة أسلوب حياة جديد متأثر بأنماط وسلوك أجدادنا ليرسخ في ذواتنا القيم والمفاهيم الثقافية وفكرها الموثق في كتب تراثنا التي تعبر عن إرثنا الحقيقي، لنعيش أجواءها بتلقائية وحيوية بمختلف أنواعها.

إن الموروث الثقافي الأصيل له مذاق خاص مرتبط بالركائز الأساسية لتقاليد وعادات وفكر وممارسات المجتمع جيلا بعد جيل متوافقا مع الطبيعة والبيئة من حوله يعزز الانتماء والإحساس بالهوية الوطنية المتنوعة بأبعادها المختلفة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، فرغم التقدم العلمي وانحسار المسافات بين الشعوب والدول بفضل التقنيات الحديثة إلا أنه لازال للمورث الثقافي حضوره المميز المحافظ على رمزية ومكانة كل شعب ومؤثر في خصوصية كل حضارة ثقافية لتتطور وتنطلق نحو آفاق عالمية قادرا على التكيف بكل سهولة مع متطلبات التطور الحديثة وتأخذ مكانا متميزا بين الشعوب متحديا الصعوبات الحضارية في التنوع الثقافي العالمي، استدامة موروثنا الثقافي محل فخر واعتزاز متأصل وقائم ولعله أحد أهم القيم في مجتمعاتنا.

فمن المؤكد أن وجود الأسس والأنظمة لحمايتها وضمان انتقالها من جيل لآخر يساهم في الحفاظ عليها وتطويرها وإبرازها في حياتنا كرافد من روافد العلم والمعرفة والاقتصاد وصناعة السياحة في وطننا الغالي، ويبقى جزء لايتجزاء من الهوية الحقيقة لمجتمعنا بتميزه عن باقي الشعوب من خلال الموروث الثقافي والعمراني والذي يعبر عن الامتداد التاريخي لهذا أو ذاك التنوع الثقافي الذي يجب علينا أن نحتضنه ونهتم به بجميع أنواعه وترسيخ أهميته لأجيال المستقبل.