آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

الإناث الذكوريات

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

قفزت شريحة ليست بالقليلة فرحا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بالتصريح الذي أدلته نائبة وزير شؤون المرأة في ماليزيا، قبل أسابيع السيدة زيلة يوسف، التي تنتمي للحزب الإسلامي الماليزي، وذلك في مقطع فيديو مدته دقيقتان، حيث نصحت الأزواج أولا ب «تأديب» زوجاتهم «العنيدات» من خلال التحدث إليهن.

«أما إذا لم يغيرن سلوكهن فيناموا منفصلين عنهن 3 أيام». ومضت تقول: «إذا كانت الزوجة لا تزال ترفض النصح أو تغيير سلوكها، فيمكن للزوج تجربة نهج اللمس الجسدي، من خلال ضربها برفق لإظهار صرامة ومدى رغبتهم في التغيير». كما حثت النساء على التحدث إلى أزواجهن فقط عندما يأذنون لهن، وذلك من أجل كسبهم، وقالت: «تحدثن إلى أزواجكن عندما يهدؤون وينتهون من الأكل ويصلون وهم مرتاحين. وعندما تريدن التحدث اطلبن الإذن أولا».

إنه فعلا تصريح غريب يصدر من مسؤولة في شؤون المرأة في دولة إسلامية تعد من الدول المتقدمة آسيويا وكأنها تشجع على العنف الأسري!

في هذه الأثناء نهضت جماعات حقوق المرأة وأصدرت بيانا تطالب باستقالة سيتي زيلة من منصبها كنائبة لوزيرة المرأة كونها تطالب بنشر العنف الأسري.

وجاء في بيان: «يجب على نائبة الوزيرة التنحي بسبب تطبيع العنف المنزلي، الذي يعد جريمة في ماليزيا. وكذلك لنشرها الأفكار والسلوكيات التي تتعارض مع مبدأ المساواة بين الجنسين».

السؤال: ما الجذور الفكرية لهذا التصريح الذي لاقى صدى جيدا في بعض مجتمعاتنا؟ في نظري أن السبب الحقيقي هو الفكر الذكوري الذي لا يرتبط بجنس الرجل والمرأة، فمثلا مفاهيم المروءة والشهامة والشرف والبطولة يفترض أن يتحلى بها الإنسان رجلا كان أو امرأة، لكننا في مجتمعاتنا الذكورية، تختصر هذه الصفات على الرجال ليأتي العنف والوصاية والتحكم بالآخر وفرض السيطرة أحد نتاج هذه العقلية.

الرجل عندنا هو «سي سيد»، وابنه الصغير ذو السبعة سنوات نائبه فيمارس الصغير أبوته على أمه وأخواته ويقرر مصيرهن!

من رحم هذه العقلية يولد ما يسمى «الإناث الذكوريات» اللاتي يدعمن هذه الأفكار والقيم.

المرأة ذات الفكر الذكوري تقول، إن الرجل عديم الشهامة والشرف إلا إذا فرض وصايته علينا، وكأنها تعلن للملأ أنها غير قادرة على تشكيل أخلاقياتها ولا على التصرف طبقاً لفكرها، هي تقر أنها بحاجة مستمرة للإرشاد الأخلاقي والضرب هو أحد أنواع التوجيه والإرشاد وكأنها طفلة صغيرة غير مؤهلة لقيادة حياتها.

من العاقل الذي يتحدث في هذا الزمن عن ضرب المرأة؟

في المملكة وحتى قبل تشريع نظام الأحوال الشخصية فإن ضرب الرجل زوجته يخرج المسألة من إطار كونها مسألة أحوال شخصية مثل النفقة والمهر والقضايا المرتبطة بالزواج والطلاق وغيرهما من المنازعات بين الزوجين، ويدخلها في باب المسائل الجزائية التي تنظر فيها المحكمة الجزائية المختصة، وذلك خلاف ما يظنه بعض الأزواج ممن يضربون زوجاتهم ويظنون أنهم خارج طائلة القانون.

أخيرا أقول: كل يتحمل مسؤولية نفسه والشرف والعفة مسؤولية الإنسان ذكرا كان أو أنثى على قاعدة الآية المباركة: «وكلهم آتيه يوم القيامة فردا».