آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 6:21 م

سطورُ الكتبِ لا تكذب

ليلى الزاهر *

قد ينجح الموت في تغيير علاقة الإنسان بواقعه بكلماته، بملابسه، بمن تبقى له!

لا أعلم كيف يستطيع الموت أن يخلق في الشاعر طاقة جبّارة تغير موازين ألفاظه فترتدي أجمل الحُلَل في قالب شعري يقطر ألمًا.

يقول ابن الرومي:

توخَّى حِمَامُ الموت أوسط صبيتي
فلله كيف اختار واسطة العقدِ

كيف يقرأ المؤمن نفسه بعد موته؟!

عندما يواجه ذلك المجهول ليصبح معلومًا، وهل في كتابه شيء من المبالغة والاختلاق؟

حاشا لله فكلّ سطر من سطور كتابه تنطق صدقًا، كتابه المشرق يصل ما انقطع بالدنيا، بصره حديد، ذاكرته تتحمل مساحات شاسعة من الأحداث.

هذا الكتاب مؤلفه عظيم تقرأ فيه جميع ألوان المشاعر الإنسانية الراقية، يروي كتابه الأفكار التي شيّدت إنسانًا جاء مقامه من جنس عمله.

لقد انبرت ملائكة الله تتسابق في السلام عليه، تفتح له آفاقًا رحبة من العوالم الجديدة التي لم يرها قبلا ولم يسمع عنها.

ينطق بفرح: لم يكن ارْتِقَاب ذلك في الحسبان، وهل ينتهي بي المقام في الخلود هنا؟

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ «سورة الحاقة، 19.. 21»

سطور الكتب لا تكذب يا عزيزي، ومُحال أن يفصل الناس عن أعمالهم وكتبهم، إنهم في كلّ لحظة ينسخون مخطوطاتهم بأيديهم لن تحتاج لجهاز ليزر أو لاكتشاف عظيم لتظهر سطورك جليّة واضحة. وليس لك وقت معلوم، سوف ينتهي وقتك بشكل مباغت، قد تقلع ليلًا أو نهارًا، تغرق بين أوراقك، لكنك لم تجد بدّا من تأجيل موعد إصدار كتابك الخاص فهَلّا جعلته مخطوطة نادرة!