ما الذي يعيق أسواق الأسماك في القطيف؟
حسناً فعل السادة أهالي جزيرة تاروت الذي التقوا رئيس بلدية القطيف الجديد وتحدثوا عن قفص وقيود النظرة الضيقة لسوق الجملة للأسماك بجزيرة تاروت وأهمية أخذ الأمر برؤية بانورامية أكثر جدية تأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والتنموية والتراث غير المادي كما تأخذ في الاعتبار كل الاحتياجات الحالية وأيضا المستجدات وتطلعات المستقبل.
لقد أصبح المزاد بسوق السمك بتاروت - ودون قصد من الأهالي - حدثاً سياحياً يومياً مميزاً ونقطة جذب سياحي يقصدها الزوار والسياح الذين يفدون لزيارتها لا سيما أن موقع السوق قريب جداً من قلعة تاروت وحي الديرة التاريخي.
حسب إحصائية إدارة الثروة السمكية فإن إنتاج الخليج العربي من الأسماك يفوق ضعف إنتاج البحر الأحمر رغم أن مساحة البحر الأحمر أكبر من ضعف مساحة الخليج، وفي القطيف يوجد عدد من أسواق الأسماك مثل: صفوى وسيهات وجزيرة تاروت التي وبالرغم من أن أهالي هذه المدن تحديداً هم من أكثر المناطق احترافاً ووراثة للمهن البحرية صيداً وتجارة وعملاً في السوق، إلا أن هذه الأسواق للأسف في حالة غير مناسبة وتفتقد للعناية الواجبة، لقد تظافرت جهود الأهالي في جزيرة تاروت لعمل سوق للبيع بالجملة بالقرب من السوق المفرد الذي شيدوه بأنفسهم أيضا بعد قيام البلدية بهدم السوق القديم قبل أكثر من ثمان سنوات، ربما هذه المبادرة الأهلية جعلت السوق أحسن حالاً مقارنة بالأسواق الأخرى في المحافظة.
إن سوق السمك الجملة في جزيرة تاروت هو أحد مقومات التنمية المحلية، وبالنسبة للزوار والسياح هي مفردة من مفردات السياحة التي تميز السياحة بالجزيرة وتستحق الزيارة، أما بالنسبة للعاملين بها وكلهم من الأهالي فهي حرفة يحبونها ومصدر عيش كريم بالقرب من مساكنهم، وهذا ما لا يتاح للسواد الأعظم من سكان أهالي جزيرة تاروت، حيث يعمل معظمهم خارج محافظة القطيف وبعضها يبعد عشرات الكيلومترات.
إن أبرز ما يميز سوق السمك في جزيرة تاروت عن سوق السمك الرئيس في «جزيرة الأسماك بالقطيف» هو في كونه يستقبل الأسماك المحلية فقط ومن ثلاثة موانئ مخصصة للصيد محيطة بالجزيرة، فبالإضافة إلى ميناء القطيف الذي لا يبعد عنها سوى أمتار قليلة من جهة الغرب لديها أيضا من الجنوب ميناء دارين ومن الشمال ميناء الزور.
أن الدروس المستفادة من جائحة كورونا - والقلق الحالي من ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا - مازالت حية ماثلة أمامنا، فما زلنا نتذكر كيف اضطرت بلدية القطيف لإنشاء عدة أسواق نفع عام مؤقتة تماشياً مع الإجراءات الاحترازية حيث لم تكن أسواق النفع العام الموجودة بالمحافظة مؤهلة أو تتماشى مع الإجراءات المطلوبة. وهنا تبرز أهمية وجود عدة أسواق سمك ترفد السوق الرئيس في محافظة القطيف وهي المحافظة المعروفة على مستوى المملكة والخليج وشرق آسيا بصيد وتجارة الأسماك وعلاقتها الخاصة بالسمك والبحر
لا ينبغي أن تكون الخيارات التنموية بين زيادة وتطوير المرافق الحيوية التي تميز المحافظة وبين إخماد نشاط تجاري واجتماعي وتنموي وتراث غير مادي يميز منطقة بكاملها وقائم على أيدي سعودية عبر ترديد عبارة سوق واحد أفضل، وربما لاحقا ميناء واحد أفضل وهكذا بشكل منفصل عن الواقع ودون وعي أو إدراك للآثار السلبية تمس الجوانب الاجتماعية والتنموية.
إن الجهود السخية التي تبذل في توسعة بعض الطرق الشريانية وإعادة تشغيل النقل العام بين القطيف والدمام ليس ترفاً وإنما هو استثمار يحسن الاستفادة منه تنموياً، فالاستمرار في الوقوف على تلة انتظار انتقال أسواق النفع العام لوزارة البيئة والزراعة والمياه أو انتظار خطط مشاريع هيئة تطوير المنطقة الشرقية لا يعد عملاً إيجابياً، لذا فإننا نؤكد على أهمية وجود أكثر من سوق - جملة ومفرد - للأسماك في القطيف وكذلك قيام البلدية بتطوير الأسواق الحالية الجاهزة بدءً بتأهيل منطقة المزاد المخصصة لسوق الأسماك الجملة بتاروت وجعلها أكثر عصرية وملائمة للمشترين والزوار والسياح الذين يفدون للمنطقة وذلك من خلال جعلها جزءاً لا يتجزأ من منطقة سوق النفع العام بتاروت، وكذلك تطوير المنطقة المحيطة بالسوق وربطها بالسوق لتكون منطقة واحدة متصلة ببعضها وتتصل بالمنطقة التاريخية وتضم العديد من الخدمات والمناشط السياحية.