ذِكرَى بُزُوغ الأنوار الرَبَانِية
إنها أحدَاثّ تَارِيخِية بَارِزة نَعِيشَها ونَلمِسهَا، تركَت بَصمَات نَيرَة ومُضِيئة، أثارَهَا بَاقِية على مَمَر الزَمَن والأيام في الوِجدَان الإسلامي، وكُلُ مِنا نَحنُ المُوالِين تَواقِين للاحتفال بِهذِه المُناسَبَات الجَلِيلَة ذاتُ البُعد الدِيني والعَقَائِدي التِي تَرتَبِط بِنا ارتباطا جَوهَرِياً وفِكرِياً، فهِيَ علامَات ظَاهِرة غَرَست فِي قُلوبِنَا ومَشَاعِرِنَا لِما لها مِن مَكَانة مَعنَوِية ورُوحِية عَمِيقَة يتَطَلَب الحِفاظ على دَيمُومِيتَها واستمرارها حتَى يَرِث اللٰه الأرضَ ومَن عليها، فهِي مِن دلالات الوَرَع والتقوى والإيمان.
ها نَحنُ هذه الأيام المُبارَكَة نُحيِي ذِكرَى لآلئ وجَواهِرٌ مَلكُوتِية رَبَانِية لا تَتَبَدَل ولا تَتَغَيَر ولا تُقَدَر بِثَمَن، لأنهَا نفَائِس أبدَية لن يُضاهِيهَا أحد في مكَانَتَها وعُلو شأنهَا، ومع تَقَادُم الزَمَن تزدَاد قِيمَة ومَعنَى لِتُحَلِق فِي فضَاء الوُجُود شرفاً ومَكَانَةً ومَزِيدَا، فَترَى تَهَافُت المُؤمِنِين والمُوَالِين عَليهَا لَعَلهُم ينَالُون بَركَاتَهَا وخَيرَاتَها فَتَشمِلَهُم رَحمَة اللٰهِ ورِضوانُه ورُضَاه.
والتَعَلُق بِهذِه الجَواهِر المُتَلألِئَة والمُتَمَثِلة في الأقطَاب الثَلاثَة، حُسَيْنُ الشَهادَة وعَبَاسُ البُطُولَة وسَيد السَجدَة عَليٌ ابن الحُسَيْن عَليهُم سَلامُ الله، والذينَ نَعِيشُ ذِكرَى وِلادَتَهُم المُبارَكَة والمَيمُونَة حَيثُ أدخَلَت الأُنسَ والسُرُور والفَرحَة والحُبُور على مُوالِيهِم ومُحِبِيهِم، ولِمَا لا وتَارِيخَهُم حافِلٌ بِالزُهد والعِبَادَة والبُطُولات الخَالِدَة والأمجَاد الزَاهِرة والأحدَاث الرَائِدة التِي نقشت على صَفحَاتِ الزَمَن وجَسَدَت معنَى الطَاعَة والإيمَان والصَبر على الشَدَائِد والامتحان، كُل ذلِك فِي حُب وجَنب اللٰه تَعَالى، فكانوا قَرابِين يَتَسَابَقُون لِتَبقَى الرِسَالة المُحَمَدِية شَامِخَة الوُجُود رَاسِخَة الأركَان في كُلِ زَمَانٍ ومَكَان.
تِلكَ الأقمَارُ المُضِيئَة ستَقبَى مآثِرَهُم وذِكراهُم ومنَاقِبَهُم تَتَنَاقَلَهَا الأمم والأجيال مِن جِيلٍ إلى جِيل لِتَأخُذ مِنهَا الدُرُوس والعِبَر والعِظَة وعُمق الاعتقاد والفِدَاء والتَضحِية وطَهَارَة الوِجدَان، لأنهَم خَيرُ مِثَالٍ لِأحسَنِ وأكرَم الرِجَال.
ولقد صَدَقَ قُولُ الحَق سُبحَانَهُ وتعَالَى فيهم: «مِن المُؤمِنين رِجالُ صَدقُوا ما عَاهَدُوا اللٰه عليه».
وهُم خُيرُ مِصدَاقٍ لِكُلُ ذلِك.
فسَلامُ عليهُم يَومَ وُلِدُوا ويَومَ أُستِشهِدُوا ويَومَ يُبعَثُون أحياء.