آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

تحالفات مستجدة

عبد الرزاق الكوي

في ظل التطورات والمستجدات الخاصة بالتوتر في الوضع الاوكراني واشتداد ندر الحرب، ترافق هذه المستجدات   أحداث متسارعة و قرارات مصيرية واتخاذ مواقف قوية وبناء تحالفات تتقارب بخطوات جادة من اجل صناعة مستقبل مغاير للواقع الحالي، كل ذلك يغير من خريطة الأحداث وتوجهات السياسة وبناء علاقات استراتيجية على واقع من المصالح المشتركة تتغير  مواقف كثيرة كانت في ظل من تفرد القوى المهيمنة بما تملك من قوة  يقابلها ضعف في موقف عالمي عام. 

فالتحالفات تأتي من وراءها قوه  والعمل على اساس المصالح المشتركة  ومواجهة خطر واحد من قبل تجمع مصدر قوه وأمان ، سواء بشكل فردي عند ارتباط بفرد اخر  لكي يكون داعما ومرشدا، وما ينطبق على الأفراد ينطبق على الأقارب والمجتمعات وصولا للبلدان مع بعضها في بناء تحالفات وتفاهمات تصب في المصلحة العامة وتشكل مصدر يعطي الثقة بأن معك من يسندك ويكف الأذى عنك في وجه الأخطار المحدقة. 

هذا الواقع يشاهد جليا في التقارب الروسي الصيني، رغم وجود خلافات حدودية قديمة وتنافس اقتصادي على الساحة الدولية واختلافات أيدلوجية، يبقى الخطر المتربص يجعلهم  يقدمون تنازلات مشتركة والسعي الحثيث لضم تجمعات وتحالفات اخرى وبناء تحالف قوي وصلب يستطيع مواجهة التدخلات الخارجية. 

فالأطماع المحدقة والقوة المفرطة عسكريا واقتصاديا جعل من القوى العظمى المهيمنة على الشؤون العالمية تصاب بجنون العظمة تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في مصير البشرية وقيادة العالم و ان تجعل لها موطئ قدم في كل بقعة من بقاع الأرض لزعزعة الأوضاع بما يخدم تطلعاتها و مصالحها ويحقق اجنداتها، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك دوله اصبح العالم تحت سيطرة قطب واحد، وصلت علاقاته لبعض من الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي مما شكل خطرا على الامن بشكل عام في تلك المناطق، وكذلك وبسبب خلافاتها الاقتصادية مع الصين فتح جبهة يضغط فيه على الصين بالتدخل في جزيرة تايوان ومدها بالسلاح كم مد الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي، فوصل السلاح من كل حدب وصوب مع مناورات عسكرية تشكل ضغط وحصار عسكري استخباراتي لا يمكن غض الطرف عنه والموافقة على هذا الوضع الخطر على مصالح واستقرار امنهم، فالصعود المتنامي لكل من روسيا و الصين لا يصب في مصلحة القوى  العظمى، وحاولت جادة الاستفراد بكل دولة على حده، لكن كاريزمية القيادتين والخطر الذي وصل لبابهم جعلهم يستشعرون الخطر، ويتخذون  خطوات حثيثة لردع الصدع ليكون موقفهم اكثر متانة مع قوى عالمية تدعوا الى قيام اقطاب متعددة تكون علاقاتها بناء على مصالح نفعها يعم الجميع ويبعد الاستفراد المتنامي عن كاهل العالم. 

فالتصرف بعنجهية وفكر تسلطي وجنون العظمة بعيدا عن استخدام العقل، كل ذلك الفكر المسيطر  يصب في النهاية في خسارتها وتقوية خصومها، فالتحالف اليوم بين قوتين عالميتين وانضمام لهم قوى اخرى قريبا او مستقبلا خسارة عظمى لا يمكن تصورها، خيرها يعم العالم، بأسلوب متحضر وراقي في التعامل تكافئ فيه الفرص، هذا التحالف يمتلك كل مقومات القوة والمجابهة بما يملك من طاقات جبارة وقوة اقتصادية وتطور في مجمل الصناعات العسكرية وصولا للقوة النووية مع امنيات ان يفعل العقل ويكف شر الحروب عن الانسانية ، حروب   مفتعلة تكلف اقتصادها المليارات وتنتهك فيها الارواح البريئة، ان خسائر التجييش والاستعدادات تكلف المليارات فماذا لو بدأت الحرب. 

فالتدخلات من القوى العظمى هي في دول تربطها علاقات عرقية ولغات مشتركة واتحاد سابق، تعمل قوى الهيمنة وهي ما تسعى له على النطاق العالمي ان  لا تكون هناك اتحادات او تحالفات تشكل عثرة في تحقيق اطماعها.

 فالتفرد والنفود على الساحة الدولية بدأ بالتقلص والتقهقر، وان التحالفات على الساحة الدولية يزيد من هذا التراجع، وما يزيد هذا الامر تقدما رغبة بعض دول العالم الثالث والدول النامية التطلع لبناء مستقبل لبلدانهم بعيدا عن هيمنة القطب الواحد، فعدم قدرتهم على بناء تحالفات في ما بينهم بسبب الضغوطات والحروب العسكرية والاقتصادية التحالف الحالي بين روسيا والصين يعطيهم الأمل بمستقبل افضل ، فالخصم واحد والمتفرد في خيرات العالم واحد، كل ذلك يعطيهم الثقة ويحدوهم الأمل بحياة افضل، وقيام نظام دولي متعدد الاقطاب تبنى علاقاته على مشاركات ومصالح تحت مظلة القوانين الدولية والمواثيق العالمية و على اساس من الثقة والمصداقية، اليوم تساهم كل من روسيا والصين في تقديم نفسها كراعي عالمي موثوق فيه ويملك مصداقية يقدم أمل للبشرية بولادة واقع جديد و نموذج  في التعامل السياسي والاقتصادي و بناء علاقات سلمية على اسس انسانية بلا شروط مسبقة وانتهاك سيادة اي بلد..