الزوج وأمه وزوجته
الصراعُ حقيقي في بيت الزوجية بين الأم والزوجة وإن خفّت حدتُه عن سابق لانفراد السكن وارتفاع مستوى المعيشة لا زال يمثل خطراً بقوة في الساحة الاجتماعية والضحية طرف أو أكثر وأحيانا يمزق البيت العائلي بأكمله وشتات الأسرة الواحدة.
إلا إن ساد العقل وفعّلت الحكمة في الموقف والأبرز هو دور الزوج وتفهم البقية لما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات وأن تطور الأمر نتائجه وخيمة لا تحمد عقباها تصل لعقوق وطلاق وضياع أطفال - هذا لا يعني في مجمله العام السلبي والإيجابي كل الأمهات والأزواج والزوجات إنما البعض وينشأ أغلب الشجار من كلتيهما - وإن كانت التوجهات مختلفة والفوارق نسبية.
«1» جزى الله أمهاتنا خيراً فهن يقمن بالتربية ويتحملن المتاعب سهر بالليل عناءٌ بالنهار كلما كبر الولد تتمنى أمه يوماً تراه عريساً ولكن ما أن يتحقق حلمها حتى تتغير وتميل بها الظنون أن الزوجة أخذته منها عنوة وخيبت آمالها حسب نظرتها القاصرة فتتحول من أم حنون إلى مراقبة شرسة متابعة خطوات ابنها وتحركاته حتى تبسمه لزوجته جرم بحقها وفي أفعاله وأقواله - وهي ليست كذلك إنها وساوس شيطانية - قد تكون هي من اختارت له الزوجة. لا أدري لو كانت معارضة لزواجه منها ماذا تفعل؟ كم مِن زوجة تعاني من ظلم أم زوجها وهي صابرة محتسبة.
«2» بعض الأمهات تعتبر زوجة ابنها بنتاً لها واماً لأحفادها يسعها قلبها قبل بيتها لا تكلفها بعمل البيت إن كانت معها وتقدم لها ما حلا وطاب إن قدِمت لها من خارجه ودوماً توصي ابنها بعدم التقصير في حقها - وتقول لا تتلاعب بها هذه بنت ناس - وإن سعادتك من سعادتها وراحتك من راحتها وتعاملها الزوجة بالمثل فما أجملها من أم عاقلة محبة لابنها وما أروعها من زوجة ترد بالمعروف.
«1» زوجة ترى أن زوجها مُلك يمين بيدها لا نصيب لامه فيها بعد اليوم وربما منعتها حضور مراسم الزواج لأن وجودها لا يشرف وحال تزوَجها عليه تلبية كل مطالبها ولو على حساب آلام المتلهفة لعناق ولدها ليلة زفافه. لا ترضى بالإقامة ولا مؤقتا معها في بيت واحد كم من زوجة الحت على زوجها بإخراج أمه من بيت كانت تسكنه معه وإن استقلت لا تسمح للمسكينة أن تزوره ولا هو يذهب لزيارتها لا ترافقها في سفر ولا تجالسها في حضر لا يذكرها في معيشة أو يقضي لها حاجة وقد تجد المرأة مطيعاً لأوامرها. تعست من زوجة هذه معاملتها ومَن أطاعها. كم أم تمنت لو أنها لم تلد هذا ويتزوج من هذه.
«2» أخرى تعتبر أم الزوج أما لا تسمح بتركها. تخدمها إن كانت معها في سكن وان خارجه تواصل الرواح إليها تتفقد أحوالها إن كانت كبيرة السن تنظف وترتب فراشها وتغسل ثيابها وتحث الزوج باستمرار الإحسان إليها وفي الأسفار لا تتركها وتسأل زوجها دوماً هل مررت بأمك؟ ما حالها؟ ما نواقصها؟ وام الزوج تستوحش إن غابت عنها طويلاً اشتياقا لرؤيتها. شتان بين هذه وتلك. أنعم بها من زوجة صالحة وفية وأم حبيبة. ترُبتْ يدُ من ظفر بهاتين.
«1» البعض ما إن يتزوج حتى يقطع صلته بأمه ويضيع حقوقها ويميل بكامله لحبه المستجد - وقد يكون مزيفاً - يُصدّق ما تنقله زوجته عنها ويعاقبها على أفعال وأقوال لم تصدر منها وان صدرت - جدلاً - هي أم لا تُجازى بقول زوجة وتهان أمامها. مثل هذا خسر أمه شهوة وغدا يتركه أولاده انتقاماً.
«2» من الأزواج من يظلم الزوجة ويمنعها حقوقها لحساب أمه يريد منها خدمتها - اعلم إن زوجتك غير ملزمة بما أمرت وإن أردت منها ذلك املك قلبها بإخلاصك وأداء حقوق وإكرام فإن خدمت أمك فتفضلاً منها لا وجوباً إنما لتسعدك - ينفذ كل ما تقوله الأم ويعاقب عليه دون دليل وشاهد وقرينة ويحملها ما لا تطيق وعليها أن تطيع أو تضيع. كم من زوجة تعاني من ظلم زوجها الجاهل وإملاءات أمه.
هذا التوجه غير صحيح ومرفوض جملة وتفصيلاً كما هو حال الأول وإن اختلفا هدفاً. من غير شك للام حق وللزوجة حقوق بخصوصيات مختلفة.
لأجل الحلول المرضية نحتاج لدور الابن البار والزوج المنصف العادل النصوح وصاحب الحكمة التوافقية وهو إعطاء كل ذي حق حقه دون تضارب أو تعدٍ على طرف لحساب آخر - ومثل هذا كم معاناة ومتعاب يمر بها يدخل البيت دموع أمه تتقاطر قالت وفعلت زوجتك وفي غرفته الخاصة زوجته معولة هذه عمائل أمك وما عيرتني به أو صراخهما للطريق يسمعه الجيران والمارة والقائمة تطول ولكن في وجه كل هذا تقف الحكمة وتعالج الحدث - على الأم أن تراعي ابنها حتى لا يرتكب ظلماً وعندها بنات لا ترضى بظلمهن إذا تزوجن أو بطلاقهن. على الزوجة ترك التعصب ولا تحمل زوجها على العقوق وأن تتغاضى عن بعض الأمور التي بتركها قوام الأسرة ولا تنسى متاعب الحياة والنظرة الثاقبة لما هو آت اليوم زوجان ثم يرزقان أولادا فلا يضيعوا. وعلى الزوج أن لا يتهاون في حقوق أمه ولا يفرط أو يظلم زوجته ولا يستخدمها فيما لا يعنيها. الحقوق مُصانة بالشريعة والقانون. اسأل عما لا تعلمه حتى لا يكون تصرفك خاطئاً - لا تَظلم حتى لا تُظلم - الأم مدرسة تتعلم منها الأجيال فكوني خيرة المدارس. الزوجة مستورة فلا تنكشفي وسكن فلا تبقي من غير سقف.