في «منتدى الينابيع الهَجَريّة»
المبدعون من شعراء الجيل الرابع.. مرتضى بن الشيخ محمد الشهاب
شعراء الجيل الرابع في «منتدى الينابيع الهَجَريّة» يولدون واقفين، كما وُلد شعراء الجيل الثاني والجيل الثالث لأنهم وببساطة فتحوا أعينهم وقلوبهم على ساحة تضج وتعج بقصائد شعراء الجيل الأول من المؤسسين لهذا العصر الذهبي العَرِم.
والمهندس مرتضى بن الشيخ محمد الشهاب أحد المحظوظين بالميلاد في أوج تألق هذا الزمن الشعري الناضج، لم يطل انتظاره في طابور الشعراء الشباب المتوثبين لأخذ أماكنهم في السدة العالية من منصة شعراء الأحساء المبدعين. ولم الانتظار؟ وهو القائل يخاطب سيد البشر محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله:
بياني قاصرٌ يتلوك شعرَا
فعذراً يا رسول الله عُذرا
أجوب الضاد مشدوها مشوقًا
وأركب من دواة الوحي مُهرا
ولم الانتظار وهو القائل يخاطب الإمام الحسن بن علي عليهما السلام:
كأن الطفوف صلاة الدماء
وصلحك كان لها كالأذان
أصليك يا كعبةً من ضياء
وألثم كفك ركنا يماني
يكاد سناه يصيب القلوب
إذا ما تلألأ مثل الجمان
وأشتَمّ في الأفْق عطر البقيع
فيورق قلبي قبل الأوان
وقد أورق وأزهر وأثمر قلب شاعرنا «بجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد» هو ماء الإصرار على إكمال الشوط والتزود له بكل ما يلزم من عزيمة وثقافة وحضور في أهم ساحات التنافس الشريف.
عبرتُ الحقل في شكل احتمالٍ
فأضحى مولدي في الأرض نَرْدَا
ورُمت اليوم أرحل عن بلادي
فلم أر من ركوب البحر بُدّا
وبكل تأكيد لقد رحل شاعرنا عن بلاده إلى بلاده، وركب البحر ليتهادى موجةً من حنين إلى كل مرفأ من مرافئ الفتنة والإبداع والتألق ليتّشح ببُردة «شاعر الجامعة» على مسرح جامعة الملك فهد للبترول تارة، وليفوز بأحد المراكز المتقدمة في إحدى مسابقات «نادي المنطقة الشرقية الأدبي» الشعرية تارة، وليختطف إحدى جوائز مسابقة «أشعار عربية» تارة أخرى، ولتمُد منصة «الينابيع الهَجَرية» ذراعيها إلى أقصى الدهشة لتفوز بأول أمسية شعرية له، وليأخذ مكانه بين أقرانه من شعراء المنتدى العريق الذين أقسموا بكل مجد «هَجَر» أن لا يغيب اسمُها عن القمة كلما ذكر الأدب والشعر الذاكرون وكلما فاضت برسيس جذوته العيون.
ولأن الغزل هو محك القرائح الشعرية الذي لا يخون، كان الغزل مرآة شاعرنا الصافية التي تجلت فيها أمام عشاق الأدب الرفيع ملامحُ شاعر حقيقي آسر:
كل المجرة للعروس تهيأت
والكون صفّف شَعره وتهندما
يتعجب البان الرطيب للينها
والمهر راقب مشيَها فتعلما
وكعادة الشعراء الشباب لا يكتفي شاعرنا بمراقبة مفاتن حبيبته عن بعد فدنى حتى أصبح غاب ضمة أو أدنى:
بفنّ النحت بالأبدانْ
خَلقتِ ملامح الفستانْ
وأبدعتِ المساء ندًى
على خد الهوى سهران
وكم هو منصف أن نختم هذه العجالة هنا ببيت أعتقد جازما أنه توقيع محكم نسجه الشاعر ببراعة ليداعب وليثير انتباه والده العالم الجليل والفقيه الحاذق:
أيصومُ عن شهد المحبة مغرمٌ
هل ثَمّ في شرع الهوى رمضانُ؟
«مرتضى بن محمد الشهاب» المولود بمدينة الهفوف في الأحساء عام 1417 هـ والذي بدأ معاقرة الشعر في عامه التاسع عشر ينبوعٌ عذب، وإضافة رائعة لقائمة شعراء «هَجَر» المبدعين.