آخر تحديث: 16 / 12 / 2025م - 9:02 ص

المختص الراشد: إدارة المشاعر دعوة إيمانية، ووصفة للسعادة

جهات الإخبارية سوزان الرمضان - القطيف

أكد الأخصائي النفسي ناصر الراشد على أهمية ”اختيار المشاعر، وضبطها“ لتأثيرها البالغ على جميع مناحي حياة الإنسان وسعادته وصحته النفسية.

وقال في محاضرته بعنوان ”إدارة المشاعر“، مؤخراً، يختلف أداء القلِق عن غير القلِق، فالأول تضعف قدراته ولا يستثمر إمكاناته وطاقاته نتيجة الخوف الذي ربما يكون غير حقيقي أساساً، كما يختلف أداء المتشائم عن المتفائل.

ودعا إلى التوسع والبناء في المشاعر الإيجابية، وعدم السماح للمشاعر السلبية بالتغلغل في الشخصية، والتي تؤثر في النواحي الاجتماعية والانعزال وتحول الشخص إلى مأزوم ومكتئب.

وأشار إلى دور الإستراتيجيات الدينية ”كالصبر والتفاؤل والتسامح واللين والهدوء“ كأدوات تكيف" في تشكيل المشاعر الإنسانية بشكل أفضل، وهذا ما أثبتته الدراسات والأبحاث عن دور الدين، على اختلاف تعاريفه وصوره.

وذكر أن الإنسان في رحلته لاكتساب المشاعر الإيجابية عليه أن يتعرف على ”هويته النفسية“ مايملكه من مشاعر إيجابية وسلبية، وما يؤثر عليه في ذلك، لافتاً إلى أن من يقدر على ضبط ردود فعله والتمرد على الخوف والقلق بداخله هو من ”يختار النتائج“ ويتحلى ”بالأمل“.

وأشار إلى أهمية طرح الأسئلة على الذات ”هل أتمتع باللطف واللين أم سريع الانفعال ولا أستطيع التحكم بردود أفعالي“، مشيراً إلى بعض ما يمر به الإنسان من أزمات ومواقف اجتماعية تتطلب مشاعر مناسبة.

وضرب مثل ومنها تجربة ”الفشل، الإحباط، الشعور بعدم التقدير والاحترام، الإخفاق في المجال الوظيفي أو التعليمي“ مبيناً أن المتفائل يعمل ب ”تكرار الأمل“ ويخرج من تلك المواقف بسرعة معتبراً إياها محاولة نجاح، وفرصة لمراجعة خطواته، وليست نهاية الحياة.

وقال على الإنسان أن يختار المشاعر الإيجابية على الصعيد الشخصي والإجتماعي وفي كل جزئية وتفصيل من حياته، ليحقق النجاح ويستمر فيه، ويتمرن على ذلك، مشيراً إلى أنه في مجال بناء العلاقات الإنسانية مثلاً لا ينبغي النظر للآخرين على أنهم في حالة كمال، كما أن الشخص قد تتحول ثقته بنفسه إلى توكيد سلبي وغرور يتسبب في حدوث مشاكل.

وبين أن سبب حدوث الكثير من المشاكل يعود ”لغياب المشاعر الإيجابية، وظهور السلبية“ كفقد الأمل والتسامح والرحمة والعطف واللطف والإحسان والتفاؤل".

وحذر من دور الأسرة الفقيرة بالتعزيز الايجابي في انطفاء السلوك، حين لا ترى انجازات أبناءها ولا تشجعهم أو تمنحهم التقدير والاحترام والشكر والامتنان والدعم والمساندة.

وذكر أن الانسان قد يكون مسكون بقلق وخوف غير مبرر، أو خبرات ماضية مؤلمة، فهنا عليه أن يجلبها من اللاوعي للوعي وينفتح عليها باعتبارها ”خبرة“، ويسأل نفسه لماذا أنا دائما الانزعاج وسريع الانفعال، لماذا أخفقت"، سيجد أن هناك مشاعر ما، لابد أن يعالجها، أو يدخل في باب البدائل والخيارات، فلو فقد وظيفة مثلا فهناك أخرى بإمكانه قبولها ولو براتب أقل، ويبحث عن الأفضل، وستحتسب حركته في السيرة الذاتية، وينتقل من الماضي للمستقبل بمشاعر جديدة، ووعي ونضج أفضل.

وأشار إلى أن من يطمح لامتلاك مشاعر إيجابية فعليه أن يفهم مشاعره وعواطفه، ويتلمس الفجوة فيها " هل أنا سريع الإنفعال والإحباط والقلق والأكتئاب، أم متفائل؟

وقال أحيانا يكون السبب وراء بعض المشاعر السلبية أفكار خاطئة مثل ”لابد أن يحبني ويقدرني الجميع، أو يأخذ تقديره لذاته من الخارج“ فلو سمع نقد من مدير العمل مثلاً، لماذا الانفعال أصلاً؟ بإمكانه اعتباره ملاحظة لتعديل سلوك أو تصرف".

وحذر من ”المبالغة في اللطف“ للحصول على الثناء من الآخرين، مبيناً أنه قد يكون سبب لكثير من الصدمات الإجتماعية ”الاستعراض بالأخلاق“ فلابد أن يكون العمل الاخلاقي نابع عن قناعة بأهميتها في الحياة، ولا يهمه رأي الاخرين.

وعدد بعض الأمور التي توثر على المشاعر سلباً، ومنها ”الأفكار السائبة“ كاليأس المتعلم ”من البيئة المحيطة ورؤية الحياة بمنظار متشائم أسود،“ وندرة الفرص ”ومحاولة تصديرها للآخرين، واصفاً إياها بالمشاعر“ الشديدة والحادة ”و لابد من التخلص منها، أو“ حصر السعادة في أمر محدد".

وقال أن الفرص كثيرة وتحتاج لبذل الجهد، ولكي نحصل على السعادة فلابد من النظر للنعم الوفيرة التي نمتلكها وليس ما لا نملكه، ولتحقيقها نحتاج النمو والتطور في ”المعرفة، ومشاعر جديدة، ونمط تفكير من المشاعر جديد“، مشيراً إلى ما ذكره حكيم صيني ”من أراد أن يحقق شيئاً لم يحققه من قبل، فعليه أن يكون شخص لم يكنه من قبل“.

وحذر من ”الأفكار المجهدة“ كالتعلق غير الآمن بالآخرين وآراءهم، أو المبالغة في تحمل المسؤلية، التشاؤم والإحباط والقلق والذي يقود لأنماط سلبية في التفكير ”الكارثي، القراءة الخاطئة للأفكار والاستنتاجات، التعميم الزائد، الميل للسلبية، الشخصنة، التضخيم“.

وأشار إلى الفرق بين سلوك شخص هاديء متفائل متأمل، وآخر متشائم ذو تفكير كارثي، فيما لو وقع حادث لطفل فمن سيتمكن من التعامل مع الموقف بشكل أفضل!

وحذر من ”السلبية النشطة“ من الماضي القريب أو البعيد، وتبدأ من الطفولة والتربية الخاطئة ”كاليأس المتعلم“ حين يختار الطفل التمارض أو التغابي لينجو من العقاب لفشله الدراسي وتكبر هذه الامور معه للتخلص من المسؤولية، أو الاعتقاد ”بندرة الفرص“ وأن الحياة ستنتهي في فرصة.

وأضاف الإحباط الناتج عن ”الاعتمادية“ والكسل وانتظار الانقاذ من البيئة ”الواسطة“، بينما حوله الكثير من نجح بالنظام والأمور الرسمية.

وتابع ”التوقعات الغير واقعية“ كما في الزواج، وتأخذ لذاكرة مشوهة، وقد تأتي من بعض برامج الاكشن أو الأفلام الطويلة، منوهاً إلى أنه كلما كانت مقبولة أمكن تحقيقها.

وذكر من السلبية النشطة ”الاندفاعية“ الدفاع عن النفس وعدم التقبل والاستماع للآخر، فلا يتعدل السلوك والمشاعر ويبقى في نفس الدائرة.

وحذر من ”الإنكار والتبرير“ وهو من الدفاعات النفسية التي تطيل عمر السلوك والشعور السيء، وسببه الكسل وعدم الرغبة ببذل الجهد، فينسب فشله لأمور خارجية وأحيانا يبخس الآخرين كفاءتهم وينسبها لنفسه.

وبين أنه قد تزور الذاكرة بعض المواقف التي يتمنى فيها الشخص لو تصرف بشكل أفضل، وقد يعود لنقص في الوعي العاطفي، أو ما يسمى في علم النفس ”النقص في التمثيل العقلي للمشاعر“ التبلد أو عدم إعطائها أهمية.

وقال نحتاج ”للمشاعر الطيبة“ في علاقاتنا مع ”الآباء الأزواج الأبناء زملاء العمل“، وللنجاح والاستمرار فيه، ولكي نكون بحال أفضل.

وتطرق لبعض ”خصائص المشاعر“ مشيراً إلى أنها قد تتحول إلى اضطراب إذا لم يتم التحكم بها وبشدتها، ومنها ”الانتقال“ عبر مراحل الزمان، ”التوزيع والتحول“ من شخص غير آمن إلى آمن كالأطفال، ”المبالغة في تقدير الموقف وردة الفعل“، التحول إلى اضطراب وتشاؤم واكتئاب في حال ”الصعود“، أو أمراض جسمية ونفسية".

ودعا إلى اتباع ”نمط حياة جيد“ يساعد في اختيار المشاعر والتحكم بها، حتى لا تتراكم الأمراض، كما في مهارات التفكير ”مهارات سكيلز“ الرياضة، التمرين الايحائي، التأمل، الاسترخاء، التنفس البطني، الابتعاد عن مصادر التوتر، الإهتمام بالنوم الجيد والتغذية المناسبة، التعرف على الأفكار الخاطئة.

ودعا إلى الإهتمام بالمشاعر الإيجابية نحو المستقبل ”تكرار الأمل والتفاؤل الامتنان الرهبة الرحمة المغفرة الإيمان الذكر الزائد“ ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، التركيز على ما نملك وليس العكس.