آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

القاسم المشترك

عبد الرزاق الكوي

يوجد قاسم مشترك في كثير من الأحداث على الساحة الدولية في غاية الخطورة تمر بها البشرية وتؤثر على الأمن والسلام العالمي، فالأحداث في الزمن المعاصر ووماسبق من سنين هناك قوى عالمية تؤثر على مجمل الأحداث وهي اللاعب الأساسي في جميع التطورات سواء في الشرق الأوسط وما مرت به من أحداث أفغانستان مرورا بالربيع العربي وصولا لكثير من دول أمريكا الجنوبية وآخرها الأحداث القديمة الحديثة التي تبرزها تلك القوى كورقة ضغط على غيرها وهي الأحداث الجارية في أوكرانيا وتايوان، فإذا كان الشرق الأوسط لا حول له ولا قوة في مجابهة تلك الأحداث والوقوف في وجه الهيمنة والأطماع بما تملك من قوة، فإن الوضع الحالي على الساحة الدولية ليس مزحة وا وحلة ترفيه أو تدخل في دولة أفريقية ولا بلد من الربيع العربي جمع له أشرار الخلق من أجل تدميره، فالوضع الحالي هو لعب مع الكبار ومن يملك قوة عسكرية واقتصادية ومكانة عالمية لا يستهان بها، لا ينفع معها ما ينفع مع غيرها، من ضغوطات سياسة واقتصادية وحصار وتسليط وسائل إعلام وغيرها من الوسائل الذي تفننوا بها في بلاد العالم الثالث وغيره، والتاريخ ماثل أن تلك القوى التي تتدخل في الصرعات المستجدة لم يكن في تاريخها يوما ما مساعي حميدة، بل زرع بدور الفرقة والفتن وكأنه دستورا كتب لا حياد عنه، ولا مبدل له.

اليوم يشكل الصراع منعطفا خطيرا خصوصا المعني بهذا الصراع دولتين عظيمتين جمعتهم مصالح مشتركة وعدوا واحد، باتحاد مواقفهم يشكلون قوة لا يستهان بها ولا قبل لأحد مواجهتها، خصوصا إذا انضمت لهم قوى أخرى عالمية تريد الفكاك من الهيمنة والتهديد لوجودها من قبل مجموعة القوى العظمى.

البشرية أصبحت تدرك وتتطلع على كثير من الأحداث بسبب التطور في وسائل الاتصال وما يؤثر في استقرار العالم من مستجدات تؤثر على الأوضاع الإقليمية والمحلية لعامة البشرية، بدأ العالم يكشف زيف وسائل الإعلام تلك القوى الكبرى من أخبار ملفقة من أجل جر النار إلى خبزها، ما عاد ينفع ذلك بعد ما ابتليت البشرية بكم هائل من الحروب، تطورت بلدان كثيرة ورممت بلدان أخرى أوضاعها وعادت لموقعها المناسب لقوتها ومكانها أصبحت تمتلك منظومة متطورة في جميع شؤون حياتها بما يبرزها كقوى عظمى، يأخد لها حساب في الوضع العالمي، ولهذا تسعى قوى الهيمنة وسياسة القطب الواحد بكل ما أوتيت من دهاء وحنكة وخبره عالمية أن تعمل جادة من أجل المحافظة على نفوذها في وجه التطورات على الساحة الدولية خصوصا أمام دول ترسخ أقدامها بكل ثبات، اليوم الصين وروسيا يدعم بعضهم بعض في قضاياهم المصيرية من سياسة واقتصادية وتنسيق في كثير من المجالات لا سبيل لإيقافهم مهما وضعت العقبات والعراقيل والتهديد والوعيد بالحصار أو المقاطعات أو بالدعم العسكري للقوى المتحالفة معها أو عمل تدريبات عسكرية مشتركة مع قوى مناوئة سواء في أوكرانيا أو تايوان، فالسياسة الحالية المناهضة للتدخل في شؤونها من قبل سياسة الهيمنة على مقدرات العالم بدأت تواجه قوى تملك الثقة والمصداقية في بناء سياسة في مواجهة كل الأطماع المحدقة، فالتوتر وان كان محدودا فإن قوى الهيمنة العالمية تزيده اشتعالا وهذه سياسة ليست جديدة دمرت كثير اقتصاديات والبنى التحتية لكثير من الدول في أنحاء مختلفة من العالم، كل أزمة تجد لها موطئ قدم، الفكر المسيطر فكر الأطماع والاستحواذ على مقاليد البشرية، بعيدا عن بناء علاقات استراتيجية، والمشكلة أن أحد الوسائل وشر البلية ما يضحك الدعوة الدائمة للدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، كلمة حق يراد بها باطل وتكريس الرغبة في مزيد من التدخلات في شؤون دول مستقلة، وعمل دؤوب لا يتوقف من التصرفات الاستفزازية التي تقوض السلم والاستقرار العالمي.

فالقوى العالمية تترزق على خلافات العالم، تزيد النار اشتعالا تتدخل بلا أي رادع في شؤون دول مستقلة تعيش بأمن وأمان، تزعزع الأوضاع في خلق واقع يخدم تطلعاتها المستمرة، اليوم تمد الدولتين أوكرانيا وتابوت بسيل من الأسلحة القتالية والإعلان عن الدعم اللامحدود والتهديد بالتدخل العسكري وفرض عقوبات اقتصادية في غاية الشدة على الصين وروسيا، وهذا يمكن يطبق على دولة من دول العالم الثالث، فالدولتان تمتلكان قيادات ذات كاريزمية قوية تسير على خطى مدروسة من أجل بناء مستقبل زاهر لشعوبها رغم الضغوطات المستمرة اللاشرعية، ومعروف أن التدخل قوى الهيمنة في شؤون دول أخرى ليس حبا لها ولا خيرا لشعوبها بل حصار وتبديد طاقات اقتصادية أخرى في ما يحتاج له تلك الأوضاع من اقتصاد قوي ينهك في متاهات الاستعدادات العسكرية وبناء منظومات دفاعية تكون على حساب أساسيات محلية وضرورات حياتية.

خرجت القوى الكبرى مهزومة في أماكن وأوضاع غاية في الضعف والإمكانات، وان أي حرب قادمة ستكون الهزيمة أعظم وسوف تكتوي بالنار التي أشعلتها وسوف تفشل كم فشلت في أفغانستان سابقا وجمهورية مالي هذه الأيام يتم الانسحاب منه في هزيمة جديدة لتلك المشاريع الخاسرة وغيرها من مناطق الصراع بعد تدمير البنى التحتية فيه وخراب البلدان وانتهاك حرمة الإنسان، من فشل إلى آخر، كل ما يسعى له توتير العالم وإشعال الفتن وتكريس واقع من التأزم المستمر، لكن اليوم العين الحمراء جاهزة، وقرصت الأذن موضوعه على الطاولة، يتمنى العالم أن يسكب قليلا من الماء البارد على قوى الهيمنة حتى تفيق من جبروتها وان العالم بدأ يتغير، وفقدت مصداقيتها وعدمت الثقة في مواقفها، في كثير من المواقع العالمية والقضايا الدولية العالم يحتاج الأمن والسلامة شبع حروبا ودمارا.