آخر تحديث: 30 / 12 / 2024م - 8:40 م

لماذا تكثر حوادث السيَّارات عندنا؟!

اضطرتني الحاجة لزيارة مركز تقدير الحوادث صباح يوم أمس فقلت أذهب باكرًا عسى أن أكونَ أوَّل زائرٍ لهم. تفاجأت، لم أكن الأول ولا الثَّاني ولا الثَّالث ولا العاشر! مركبة تخرج واثنتان تدخل من كلِّ الأشكالِ والألوان والأحجام، كأنه مطعم يستقبل زبائن وجبة الإفطار، هكذا هو طول اليوم مع شديد الأسف. على العكس من ذلك، في أيَّام الدراسة في الخارج والأسفار كنت نادرًا ما أرى حادثًا مع أنهم يسكرون وبعضهم يتعاطى ممنوعات، فلم تكثر الحوادث عندنا؟

يمتلكني العجب من كثرةِ الحوادث التي تستهلك الوقتَ والطَّاقة والعواطف وتحرق المال. في المشاوير القصيرة لا يكاد يمر يوم دون أن أرى حادثًا وفي بعضِ الأيام أكثر من حادث، وبعض الحوادث خطيرة! فمتى يأتي الوقت الذي ننظر للحوادث بأنها ليست قضاءً وقدرًا محتومًا، نحن من نجلبها وأذاها على أنفسنا؟ الله قدَّرَ وكتب.. في الحديد ولا في العبيد.. خسارة المال ولا خسارة الروح، إذًا ما هو دورنا في هذه المعادلة؟

في نظري أن السَّبب الرَّئيس هو الإنسان فلا السيَّارة هي المسبب ولا الطريق. عناد.. سرعة.. لا أعطيه فرصة، أنا قبله.. عادي لا مشكلة، كلمات تشكل بداية الحوادث عندنا، ترى السَّائقين في كومة لا يفصل المركبةَ عن الأخرى إلا سنتيمترات! تمشي خلفه لا تعرف أيَّ اتجاه ينوي الذهاب، تمشي أمامه احذر أن يقفز هو ومركبته فوق رأسك!

أفضل كلمة تختصر أسبابَ الحوادث هي ”استهتار“ أو استخفاف، نعرف القانون وندرك المخاطر ومع ذلك لا نبالي! قيمة السيَّارة لم تعد عشرة أو عشرين ألفًا، هي أكثر بكثير ومع ذلك عادي جدًّا أن نتلفها في حادث، ثم يتوالى الأصدقاءُ والأهل بالتَّهاني والتَّحميد للهِ على السَّلامة!

المثل يقول: المال عديل الروح، هذه السيَّارة جاءت بالمشقَّة والكدّ والتَّعب، ثمَّ في لحظةٍ واحدة تقل قيمتها وقد لا تصلح للاستعمال بعد حادثٍ واحد. فيما روي عن رسولِ الله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: إنَّ الله كرهَ لكم ثلاثًا: قيل وقال وإضاعة المال، وكثرة السؤال. وأيضًا قوله «صلى اللهُ عليهِ وآله»: إن لك في مالكَ ثلاثًا شركاء: أنت، والتلف، والوارث، فإن استطعتَ أن لا تكون أعجزهم فافعل.

إذًا نحن أعجز الثَّلاثة الشَّركاء، فلا استفدنا من المال ولا بقيَ للوارث، إنَّما استفاد منه مصانعُ السيَّارات وورش الإصلاح وشركات التَّأمين! أعظم محنة أن نجمع هذا المال في تعبٍ ونصب، ثم نحرقه - بأيدينا - في طرفةِ عين!!

مستشار أعلى هندسة بترول