آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

تأكدنا من الحياةِ فما شكرنا اللهَ على الاستيقاظ!

أصحو كلَّ يوم وأفرد ذراعايَ مثل جناحي طائر، إنَّه يومٌ جميل! هل تصدقوا أننا نعتاد النِّعمَ فلا نعدها نعمًا، فقط لأنها تتكرر؟ أيّ نعمةٍ أكبر من الاستيقاظِ من النَّوم والشعور بالحياة؟ لكنني استيقظتُ أمس واليوم وكلَّ يوم، وأجزم أنني سوف أستيقظُ في الغد، فلم يعد يخطر في بالي حجم نعمةِ الحياة، كنتُ جثَّة ساكنةً، ثمَّ استيقظتُ حيًّا كاملًا سويًّا!

عُدُّوها مرضًا، عُدُّوها جحودًا أو كفرًا، عُدُّوها كيف شئتم! هناك أشياء في الحياةِ يعتادها من يملكها، الحياة نفسها.. الصحَّة.. الأمان.. الغنى، فلا تصبح هاجسًا لمن يملكها. بينما الحقيقة الثَّابتة في الحياةِ أنها غير ثابتة ويتحول الإنسانُ فيها من حياةٍ إلى موت، ومن غنى إلى فقر، ومن آمنٍ إلى مشرد تائه بلا مأوى.

كان رسول الله «صلى اللهُ عليهِ وآله» يقول عند استيقاظه من نومه -: ”اللهم إني أسألك خيرَ هذا اليوم ونوره، وهداه وبركته، وطهوره ومعافاته، اللهم إني أسألكَ خيره وخير ما فيه، وأعوذُ بك من شرِّه وشرّ ما بعده“. نملك النِّعمة ولا نتأملها، فكم من نائمٍ لا يستيقظ وكم من هو في غيبوبةِ المرض لا يتقلب من جهةٍ لأخرى، ولا يقوم من الفراش؟ على هذا إنَّ نعمة الاستيقاظ أشهى وألذّ من الأكلِ والشرب، نتذوقها ونشكر اللهَ عليها.

هي نعمٌ، ولأنها تتوالى وتتابع بردت مشاعرنا تجاهها مثل برودة فصلِ الشِّتاء، فلا أقل أن نذكر أنها هدايا وألطاف جميلة لا يجب أن نعتاد على حضورها لأن ذهابَ واحدةٍ من هذه النِّعم فيها اعتبار لمن أعتبر. من لا يرى في الاستيقاظِ نعمة، عليه عدّ وإحصاء من ماتَ ليل أمس، ومن لا يرى الصحَّة نعمة عليه أن يزورَ المشافي، ومن لا يعجبه الخبز عليه أن يرى من يمدون أيديهم في العالم من أجلِ قطعةٍ صغيرة من الخبز.

إذا جاءَ يوم غد، قبل أن تفكر في زحمةِ الطَّريق ومشقَّة العملِ الطَّويل والرئيس المخبول، قبل ذلك فكر في الامتنانِ للهِ على نعمةِ الاستيقاظ، نعمة الحياة واليوم الجديد. إذا جاء الصَّباحُ وانبلجَ الضِّياء وأنتً حيّ فذلك يوم جديد، انهض واشكر اللهَ ثم واجه الحياةَ بكامل إرادتك، فلو شاءَ سبحانه لجعلَ عليكَ ذلكَ الليل سرمدًا إلى يومِ القيامة!

مستشار أعلى هندسة بترول