آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

مستقبل المناخ

عبد الرزاق الكوي

الدول رغم تشديد الرقابة على الحدود بينها وتضييق ووضع اشتراطات للدخول من بلد لآخر، يبقى عالم اليوم بفضل التكنولوجيا والتقدم العلمي مفتوح على مصراعيه مع بعضه في ما يتعرض له من خطب وأزمات وأوبئة وقضايا اقتصادية وغيرها من المشاكل الكثيرة العابرة للقارات والحدود المصطنعة المتنازع عليها في كثير من بلاد العالم، بمسببات كثيرة أكثرها خلقها المستعمر وتركها بؤر للتوتر وفتن تشتعل بين الحين والآخر، رغم ذلك عالم اليوم يعيش واقع مشترك في كثير من قضاياه ومن القضايا المهمة والمصيرية هي تغير المناخ، هذا التغيير يؤثر على الأرض وما تحمل من إنسان وحيوان ونبات ومياه، قضايا مصيرية لا تختص بمكان ولا يحدها حدود، استفحلت بدأ تأثيرها يندر بحياة في غاية البؤس، لهذا العالم المظلوم بما يفعله الإنسان حتى الطبيعة لم تسلم من شره وتفكيره الشيطاني، العالم يعاني من أزمات قديمة ومستمرة وقضايا مستجدة لا تنبأ بخير ولا مستقبل يعطي أمل بحياة أفضل في ظل صراعات وأطماع متزايدة.

كل ما تقدمت الإنسانية تكنولوجيًا يفعل هذا التطور بعيدا عن استخدام العقل ليس للصالح العام بل أهداف رسمت وخطط لها في جني ثمار العالم لفئة معينة حتى لو تم تدمير هذا العالم وإنسانه وطبيعته، فالاهتمام والتشديد والاشتراطات الصحية والقيود المناخية فقط في مناطق معينة من العالم، أما في الدول النامية والفقيرة فالهم هو للقمة العيش والأمن والسلامة من ويلات الحروب، بلدانهم لا تسلم من تأثيرات العبث بالبيئة واستخدام أراضيهم لتجارب شتى أنواع المحظورات من أسلحة جرثومية وكيميائية وغيرها مما يولد مجتمعات مريضة، لأن من وجهة نظر العابثين أنهم مجرد محطات للتجارب ومكب نفاياتهم، تخرم بسبب ذلك كل المواثيق والبروتوكولات في فعل لا ينم عن إنسانية أو شريعة سماوية لا يفعل فيها أبسط الأمور الأخلاقية.

التعامل بين الإنسان والإنسان وتعامل الإنسان مع الطبيعة ليس له بعدًا إنساني أصبح التعامل بلدان متقدمة تنعم بالحياة الرغيدة والميسرة وبلدان أخرى تعاني أشد العناء في حياتها المعيشية، تصبح تلك الدول في خدمة تطلعات ورفاهية مجتمعات أخرى حتى لو دمرت طبيعتها وانتهكت سيادتها واستبيحت مورادها، تصبح خارجة عن حماية المؤسسات الدولية والهيئات العالمية المختصة بحماية البيئة.

التغيرات المناخية اليوم تشهد واقعا محزنا لا تقل نتائجه الحالية والمستقبلية عن أي وباء، فالنتائج المسكوت عنها سوف تولد أزمات مستقبلية تزيد من حالة هذا العالم سوءا وتخلفا ودمارا، مع هذا العبث سوف يفقد العالم السيطرة على زمام الأمور بسبب سلوكيات خاطئة من قبل دول محدودة وشركات عابرة للحدود لا تراعي حرمة أي شي، المحرم عندها الوقوف في وجه أطماعها، تعبث بالأرض ومن عليها سواء بالحروب المفتعلة أو بانتهاك للبيئة، يفعلوا الحروب ليستفيدوا من تبعاته، ويحلقون واقعا بيئيا وصحيا ليصنعوا الداء وعلاجه، في سباق محموم من السيطرة على خيرات وقدرات العالم، البشرية تشهد منحدرا خطيرا حروبا ومناخا فاسدا وأوبئة تولد أخرى، تنبأ بمستقبل في غاية السوادية، في حضارة تدمر نفسها ومن حولها، كثير من التوصيات والقرارات الدولية لا يعمل بها، فانسان هذه الحضارة محروما حتى أن يتنفس هواء صحي أنعم الله عليه بوجود طبيعة من أجل أن يعيشها بسلام تنتهك بسبب طمع وفساد العقليات العالمية.