آخر تحديث: 2 / 12 / 2024م - 10:57 ص

أبو البنات جاءَ له ولد!

رزقه الله بنات ولم يرزقه ولدًا ذكر. صارَ الأصدقاء ينادونه: أبو غَايب ”غائب“، وأنتم تعرفون شوقَ الرِّجالِ للأولاد! قال له الأصدقاء: يا ”أبوغايب“ تزوج ثانية، كثرت عليكَ البنات.. الغائب طوّل الغيبة.. لو كان مقسومًا من هذه المرأة أن يأتي لجاءَ منذ مدَّة، يصرّون في أذنيه مثل صريرِ الجنادب!

فكرة الزواجِ من ثانية بدت فكرة غبيَّة ومجنونة في رأسه، لكنه قرَّرَ ذاتَ يوم تغيير كنيته إلى اسمٍ حقيقي: إذا قدَّرَ اللهُ لي ولدًا أسميه يحيى وأنا أصبح ”أبو يحيى“ تيمنًا بيحيى بن زكريا عليهما السَّلام الذي طالَ انتظاره لولدٍ يرثه من بعده. صار يدعو الله: ”يا مَن وَهَبَ لِداوُدَ سُلَيمانَ وَلِزَكَريا يَحيى وَلِمَريَمَ عيسى“، أعطني كما أعطيتهم أولادًا ذكورًا، جمعتَ لهم فيهم من الخيرِ ما لم تجمعه في غيرهم لغيرهم.

أنتم تعرفون كرمَ الله، ولكي لا أطيلَ عليكم الحكاية، حملت زوجته مرَّةً أخرى، وكان حملها مختلفًا عن حملِها بالبنات، الوحام مختلف وما تشتهي من أكلٍ ورائحة، وما تشتهي من أشياء في حبلها غير ما كان من قبل! بعد أربعة أشهر أجهضت أمُّ البنات حملها وكان بالفعل صبيًّا لم يكتمل، ثم بعد ذلك بأشهر حملت أيضًا.

مضى شهرٌ وبعده آخر وآخر، وكان طلبه من الله خفيفًا: كلَّ يوم يرفع يده نحو السماء: يا الله صبي هذه المرَّة، لقد خاطبكَ ودعاك أنبياءٌ وأولياءٌ وأناسٌ صالحون وغير ذلك واستجبتَ لهم فاستجب لي. يومًا بعد يوم يكبر بطنُ أمّ البنات، يلمسه ويسألها أبو البنات: أنا متأكد أنه صبيّ، أم أنا غلطان؟ ولكي تفرحوا، أتمت المرأةُ تسعةَ أشهر وجاءَ الصبيّ وجاء بعده صبيان آخرون، وصارَ الأصدقاء ينادونه: أبو يحيى.

حتى مع تطور العلم، تظل الخلافات بين الزوجين بسبب نوعِ المولود، وفي بعض الأحيان تصل ذروتها إلى الطَّلاق، لأن الذكر هو من يحمل اسم أبيه، ولا يخفي الرِّجالُ رغبتهم في الولد. ”نقيق“ وثرثرة الأهل والأصدقاء وإعطاء النصائح في العلاقات الزوجية يعكر صفوها ويخترق حجب خصوصيتها ويفسدها.

هذه الحكاية من رأسي ولكن كلنا سمعنا أو شاهدنا كيف حين يتدخل الأهلُ والأصدقاء بين زوجين يصبح حجمُ المسألة التي في حجم الحبَّة في حجمِ القبة. أكثر الزواجات نجاحًا التي لا تبوح بأسرارها الكبيرة للمتطفلين الذين يقدمون النَّصائح ولا يكترثون بعد ذلك ما يحصل!

مستشار أعلى هندسة بترول