دُفُّ غِربَالٍ
رَكَزَ سُرَادِقُ مَأتَمٍ لِسِّبْطِ مُحَمَدٍ، وتَنَهَّدَ آهٍ بِدَمْعٍ دَافِقٍ لجَمْعٍ لَمَّ شَتَاتًا لَهُم مِنْ وَادٍ سَحِيْقِ.
سَرَا لَهُ مِنْ ذَوي النُّهى بِعَصْبِ رُؤُوسٍ اسْتَدَرَّتْ حُزْنًا بِفِكْرٍ ناهِضٍ ودَقِيقِ.
نَفَضَتْ وأزاحَتْ عَنْها بِدُفِّ غِرْبَالٍ بَعَدَ أَنْ أرْهَقَ كَاهِلَهَا وسَلَكَتْ عَقْبَهُ بِثُبْتِ خُطَى وعِيٍ عَمِيقِ.
رَاقَتْ لهَا ذَائِقَةُ حِسٍ كَسَتْ بِفَكِرٍ زَانَهَا صَائِغٌ بِزُمُرِّدٍ عَتِيْقٍ وعَقِيْقِ.
نَفَضَتْ عَنْ نَفْسِهَا مَا اسْتَنْزَلَ مِنْهَا مِنْ نَمِيْمَةٍ وَ ظُلْمِ صَفِيْقِ.
نَدَتْ لهَا أجْفَانُ وَلَْهَى هَالَهَا مِمَّا نَالَهَا مِنْ عُظْمِ خَطْبٍ وَخِذْلَانِ صَدِيقِ.
عَلُقَتْ بِهَا خِصَالُ عِزٍ، لَمْ يُثْنِهَا فَدْحُ مُصَابٍ وَتَجَاسِرُ نُكْرُ صَوْتِ نِشَازٍ وَنَهَيْقِ.
خَطَّتْ عَزَائِمُ مِنْهَا بِضُرُوْبِ الَعُلَا واسْتَنَهَضَتْ واسْتَحْضَرَتْ هِمَمًا عَنْ مَجْدٍ عَرِيْقِ.
تَيَّمَ قلوبُهم حُبُّ مُحَمَدٍ وغَدَا فِي أنْفَاسِهِم بِزَفْرَةٍ حَانِيْةٍ وعُمْقِ شَهِيْقِ.
هَكَذَا هُمْ آلُ مُحَمَدٍ صَفَوةُ الخَلقِ وسَفِيْنَةُ نُوحٍ سَخَّرَهَا للنَّاسِ رَبُّ الَعُلَى لِكُلِ طَالِبِ نَجَاةٍ وغَوثِ ركبٍ لِغَرِيْقِ.
بدتْ عَلَيْهُم فِي يَومِ حَشِرِهِم أعْمَالٌ تَشُعُّ لَهَا أنْوارُ الجِّنَانِ زَاهَيْةً بِبَرِيْقِ.