آخر تحديث: 6 / 5 / 2024م - 12:53 م

نسختك الحقيقية

عندما نسافر في رحلة نحو ذواتنا ونبحر إلى أعماقها ستتجلى لنا شخصيتنا الحقيقية التي نبديها أمام الآخرين، وسنصاب بالذهول عندما نلحظ أننا نتقمص شخصية ودورا لا يمثل ذواتنا الحقيقية فأصبحنا نبدو وكأننا مهرجين في عالم الألعاب البهلوانية «السيرك» حيث الهدف هو القيام بحركات وأدوار تتسم بالخفة وحفظ التوازن في أدائها من أجل إمتاع المشاهدين تارة وإضحاكهم تارة أخرى ولكن شخصياتهم الحقيقة التي يتعاملون بها في محيطهم الاجتماعي تختلف تماما عن ذلك!! وهنا تبدأ حركة الصراع الداخلي بإثارة السؤال: هل أنا شخصية المهرج أم الشخصية الاجتماعية؟ فالتضارب في السلوك يثير الكثير من التساؤلات!

وفي الجانب الآخر، فإنّ صفاء النفس والعمل على قاعدة ”كن أنت كما أنت“ بعيدا عن التكلف وتقمص الأدوار التي تدخل الإنسان إلى عالم المهرجين!! هي الطريقة التي من خلالها تظهر شخصياتنا الحقيقية وتتجلى السمات الراقية فيها وتكون مقاصدها حسنة وجميلة لينعكس ذلك على العلاقات الاجتماعية مع الآخرين حيث طهارة القلب وحب الخير للآخرين والترفع عن مقابلة الإساءة بمثلها.

إنّ تجلي الشخصية الحقيقية للإنسان يعني ظهور جميع الملكات والأخلاق الفاضلة في العالم الخارجي دون تكلف أو عناء لأننا نعيش تناغما في دواخلنا بعيدا عن السلوك المتناقض الناتج عن تقمصنا لأكثر من شخصية!

إنّ عوامل النحت التي تطرأ على النفوس عبر الزمن لن تستطيع أن تغير من الشخصية الحقيقية للإنسان مهما كانت عاتية لأن الذاكرة بلغت حد التشبع من المبادئ والقيم النبيلة التي ساهمت في صنع الشخصية الأصيلة.

إن وضوح الأهداف أمام الشخصية الحقيقية الأصيلة يعد أحد أهم عوامل الثبات وعدم التقلب في القيم والمبادئ بما يحقق العلاقة المناسبة والمطلوبة مع الذات أولا ثم مع من حولنا.

ومن المؤكد أن معرفة الذات وتقديرها بالشكل الصحيح هي البوصلة التي ستوصلنا نحو الاستثمار الأفضل للسمات والصفات الشخصية الكامنة في نفوسنا.

لكل منا شخصيته التي يتميز بها عن غيره والقدرة على اكتشاف هذا الجانب من شأنه إطلاق القوى الداخلية للنفس جنبا إلى جنب مع صفاء القلب في حركة متوازنة من شأنها أن ترسم ملامح شخصياتنا بكل وضوح بعيدا الصراعات والمتهات وتمثيل الأدوار التي لا تناسب شخصيتك!

لا تمثل دور الخجول وأنت لست كذلك أو دور الحازم وانت تفتقد لبعض عناصر وسمات القوة والحزم الحقيقية أو دور الضحية والمظلوم وأنت لست كذلك.

كن بسيطا غير متكلف إن أحببت أن تعيش السلام الداخلي مع نفسك لتحقق النجاح في أبعاده المختلفة.