آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الهوية الوطنية والانتماء

أمير بوخمسين

الهوية الوطنية والمواطنة والتأكيد على أهميتها وآليات تعزيزها وترسيخها في المجتمع والسعي لتكريسها كعنصر رئيسي في بناء الوطن يعتبر موضوع رئيسي ومحوري ومهم، وتنبع أهميته في أنه يمسّ الكيان بأكمله من ناحية وجوده من عدمه.

لذلك استعراض الموضوع وإشباعه من خلال طرح الآراء وتداولها عبر الحوار الهادف الذي يصبّ في نهاية المطاف إلى تثبيت الهوية الوطنية يعتبر مطلباً وطنياً وضرورة لاستمرارية هذا الكيان.

فالعناصر التي تشدّ أي مجتمع وتربطه بعضا ببعض، وتخلق وحدة مشتركة بينه هي رابطة الدم، واللغة، والدين، والمذهب، والثقافة والتقاليد والعادات المشتركة، والمصالح الاقتصادية، ووحدة الأرض التي يعيشون عليها وغيرها من العوامل والعناصر التي تؤدي إلى الوحدة والعيش المشترك.

في الفترة الأخيرة كثر الحديث عن أهمية الهوية الوطنية وتعزيزها عبر عرض بعض الأفكار والاقتراحات التي ترسخ هذه الحالة وتغليب مفهوم المواطنة في مواجهة المفاهيم الأخرى كالقبلية والمناطقية والمذهبية وغيرها التي تعيق الذوبان في الوطن.

ولعل اهتمام الدولة من خلال التوجه الرسمي لرؤية 2030 يؤكد بأن الوطن للجميع أيّاً كان عرقه ودينه ومنطقته وقبيلته ومذهبه، والكل سواسية.

ومن أجل ترسيخ هذه الهوية وخصوصا في بلادنا فعلينا النظر لبعض الأمور المهمة، وأخذها بعين الاعتبار:

1 - التنوع الذي يتميز به المجتمع السعودي فكريا ومذهبياً.

2 - مساحة المملكة الجغرافية الكبرى وتعداد سكانها وتنوعها باختلاف مناطقها وتوجهاتها.

3 - الغالبية من المجتمع السعودي تتكون من فئة الشباب، لذلك التعامل مع هذه الفئة يتطلب وعياً واهتماماً من أجل تحقيق مطالبهم وطموحاتهم.

4 - الانفتاح والتغير في الداخل والخارج، حيث كان لبرنامج الابتعاث خلال الخمسة عشر سنة الماضية دورا كبيرا في تطوير التعليم وارتقاء مستوى الوعي لدى المجتمع، إذ ازداد معدّل المتعلمين الأكاديميين وأصحاب الكفاءات والشهادات العليا من مختلف المناطق ولم يكن محصوراً في منطقة واحدة أو في فئة معينة.

5 - في ظل هذا التنوع والتعدّد في المجتمع السعودي ومن أجل ترسيخ الهوية الوطنية يتطلب الأمر الانفتاح على كافة فئات المجتمع وفعالياته، في سبيل خلق جو إيجابي يعزّز المواطنة.

إن المقصود بالهوية الوطنية هي ذلك الشعور الجمعي المشترك والشامل لكافة أطياف المجتمع، والذي يقرّبهم من بعضهم البعض، ويولّد لديهم حسّاً بالانتماء للأرض.

أما الاحتفال بذكرى التأسيس للبلاد فقط ومن خلال إظهار بعض المظاهر كالأنشطة والفعاليات التي يتم القيام بها هنا وهناك عبر توزيع الأعلام والبوسترات عمل جيد لإظهار المحبة للوطن، ولكن الأمر يحتاج إلى عمل ومشروع متكامل ممنهج لزرع روح الوطنية من خلال الأفعال وترجمة ذلك لتجاوز كل السلبيات التي تزعزع هذه الهوية، وهذا لا يتم إلا بالتأكيد على روح التسامح والتعايش المشترك والمساواة بين كافة أبناء الوطن في مختلف المناطق.