آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

يحتفي بنقّاده

حبيب أحمد الجعفر

في سابقة من نوعها - كماً وكيفاً وللسنة الثالثة بحلتها الجديدة - أصبح برنامجه النقدي تحت عنوان «قراءات نقدية» مما يتصدر المشهد الثقافي بعد الموسم العاشورائي.

إننا هنا نتحدث عن «سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان» وعن برنامجه النقدي الذي يتبنّاه في قديح القطيف، الذي جعل لكل محاضرة من محاضراته العاشورائية جلسة نقدية مستقلة.

صحيح أن في المنطقة عدة برامج حوارية مباشرة وغير مباشرة بين بعض المحاضرين ومتابعيهم حضوريا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن مراجعة لبعض ما يطرحه خلال الموسم العاشورائي، وكان لها قصب السبق في هذا المجال، وهي بمثابة رافعة ثقافية لتجسير الخطاب بين المحاضر والمستمع.

وبالتأكيد فإن هذه التجارب لبعض المحاضرين يجب أن تُقدر ويُثنى عليها وعلى من ينظمها ويرعاها.

ولكننا اليوم وعلى خطى تجسير العلاقة بين المتحدث والمستمع أمام برنامج نقدي فريد من نوعه لسماحة الشيخ العبيدان يستهدف الوعي في مدياته المتقدمة من خلال الدقة في التنظيم والترتيب، ومن حيث المكان والزمان والمادة العلمية.

إنه برنامج نقدي يستمر ثلاثة عشر أسبوعا بواقع جلسة نقدية كل أسبوع.

إن أول ما يلفت الانتباه في هذا البرنامج هي محركاته الدافعة له من خلال الترتيب والتنظيم وإرادة الاستمرار، وقبل كل ذلك نرصد نفساً كبيرة وضعت نفسها موضع النقد للآخر، ولم تنظر إلى الآخر في شخصه ولا إلى تخصصه، بل أعطته فسحة في النقد وبسقف مفتوح باعتباره أحد المستمعين، ففتحت وسائل التواصل المباشر وبإعلان مسبق ليطرح ما يريد.

أما الناقد الرئيس في كل جلسة فقد أعطي الوقت الكافي «عدة أسابيع» ليتتبع وينتقد المحاضر في جوانب فنية وأخرى علمية من حيث الدقة والتوثيق وغيرها.

ليس اللافت في هذه التجربة أن يستمع ذلك المحاضر لنقاده فقط، بل أن يدعوهم ويستقبلهم وينصت إليهم في مواضع الاتفاق ويكون أكثر إنصاتا في مواضع الاختلاف، ثم يُحسن ضيافتهم ويكرمهم.

إنه بحق مشهد تزدحم فيه المشاعر فيصعب رصدها بكلمات في صفحة أو بعض صفحة

وهكذا هي «النفوس الكبيرة» تخفض أجنحتها لتتكامل ويتكامل معها الآخر، فلها كثير امتنان أن تضع نفسها في موضع النقد بكامل إرادتها واختيارها وبتخطيط مسبق، ونقول له وللجنة المنظمة:

لكم منا ألف تحية وسلاما.

ونحث نفوسنا التي مازالت تتجافى عن حالة النقد - كبيرها وصغيرها - أن تبحث عن تلك النفوس الكبيرة لعلها تأتي منها بقبس أو تجد على النار هدى.

أخيراً: سوف يحفظ لنا التاريخ الثقافي في المنطقة أن أحد خطبائها كان يَحتفي بنقاده.