قراءة نقدية في ”سوسنة“ الكاتب سلمان العيد
لا يمكن لأي مُبدع في السرد أن يُقدِّم إبداعًا سرديًا، في الوقت الذي يضع على رأسه قبعة صحفي.. طرأ ذلك في خاطري وأنا أعاني في التماس أي منفذ إلى نهج سردي أو روائي تحديدًا في كتاب ”السوسنة التي أجهضت الآمال“ للكاتب والشاعر سلمان العيد، الذي يتحدث فيه عن قضية الخاطفة التي اختطفت ثلاثة أطفال، أحدهم من القطيف، وهي القضية التي لا تزال تثير جدلًا، رغم أنها تراجعت كثيرًا.
ولستُ بصدد ممارسة نقد، وإنما هي رؤية في أحشاء ذلك الكتاب، ومحاولة متواضعة لتشريح النص المكتوب، المتأرجح بين الاجتهاد السردي والتقرير الصحفي المطوّل، ولعل ذلك مما يمكن لأي قارئ أن يصطدم به عند مطالعته لما تمت كتابته، حيث تسيطر اللغة التقريرية بشكلٍ واضحٍ، يمكن معها استخلاص أنه ليست هناك علاقة بين الكتاب والرواية، كما هو واضح من غلاف الكتاب.
ليس صعبًا أن يكتشف القارئ في حال استمراره في القراءة أن الكتاب خالٍ من اللغة الأدبية، خاصة أن المطلوب أن تكون الرواية عملًا بارعًا في اللغة، يؤثر في المتلقي بنسيجه اللغوي العجيب، الذي هو كل شيء في الرواية الحديثة، ورغم أن الكاتب شاعر إلا أن لمسته الشعرية أو الفنية لم تكن موجودة في صفحات الكتاب.
للرواية مجموعة من العناصر يجب أن تتوافر حتى يكتمل العمل، ويكون ضمن الأعمال الروائية. وإذا تتبَّعنا تلك العناصر فيما كتبه الشاعر والكاتب سلمان العيد، سنرى أن ما أنجزه يخلو تمامًا من أيٍّ من تلك العناصر، فقد غابت ملامح الشخصيية، وأفتقدت قوة السرد والحبكة المتماسكة التي تجذب القارئ، كما أنه ليس هناك موضوع في الكتاب أساسًا، ولم يستطع الكاتب أن يُبيِّن لنا المكان والزمان الذي كان فيه الحدث، وطوال أكثر من مائة صفحة لم نجد حوارًا بين الخاطف والمخطوف، أو حتى بين الخاطف ونفسه، أو بين الخاطفة وزوجها الذي يُطلِق عليه الكاتب وصف ”مقيم غير سعودي“. من هنا، فإننا عندما نأتي لتطبيق هذه العناصر على كتاب ”السوسنة التي أجهضت الآمال“، يثبت لدينا دون شك أنها لا تنطبق على الكتاب، ولا يوجد أي منها في جميع صفحاته.
أتمنى من الشاعر سلمان العيد أن يقوم بعملية اعتكاف ثقافي يقدم لنا من خلاله ما هو أفضل وأكثر تأثيرا في المشهد الثقافي والأدبي، بعيدا عن طريقة الكتابة التقريرية، التي قتلت ”السوسنة التي أجهضت الآمال“.