آخر تحديث: 31 / 10 / 2024م - 8:43 ص

مُجْتَمْعٌ مُتْنَاغِمٌ مُنْتِجٌ ومُثْمِرٌ‎‎

ناجي وهب الفرج *

مِنْ الأهميةِ بمكانٍ، لكلِ مَنْ يعملُ ويتصدى للعملِ الاجتماعي الخدمي التطوعي؛ التعالي على الذاتِ، وعدم التمحورُ حولها، كما ينبغي أَنْ يسودَ الحسُ الجمعي والمسؤوليةُ المشتركةُ، والتركيزُ والأخذُ بِدفةِ الأمورِ نحو تحقيقِ الهدفِ الأسمى والتعالي على صغائر الأمور والنزعات الآنية والشخصية.

ومِنْ خِلَالِ ما تقدم؛ يستلزمُ أَنْ نأخذَ بمحدداتٍ شرعيةٍ وقانونيةٍ تحكمُ جميعَ أُطر تعاملاتنا وعلاقاتنا مع مَنْ يعيشُ معنا أو حولنا، سواءً كَانَ ذلكَ على المدى القريبِ أو البعيدِ في هذا الوطن الغالي.

لذلك قامتْ هذهِ الكيانات الخدمية مِنْ منطلقاتٍ شرعيةٍ، وطبقًا للوائحِ وأنظمةٍ تم ضبطها وتدقيقها مِنْ ذوي الاختصاصِ المعنينَ بهذا الشأن لتخرجَ عن الاطارِ والاجتهاداتِ الشخصيةِ وتكونَ منجزةً وفاعلةً لا تخضعُ لرأي مِنْ هُنا أو هُنَاكَ.

قالَ اللهُ تعالى في مُحكمِ كتابهِ الكريمِ:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا «النساء 58»

وأسسَ القرآنُ الكريمُ لنواةِ تأسيسِ هَذِهِ الكياناتِ الخدميةِ حينما اشارَ جلَّ وعلا للعاملينَ عليها، وذلكَ كما جاءَ في قولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة 60]

وفيما يختصُ باللوائحِ التنفيذيةِ لنظامِ الجمعياتِ والمؤسسات الأهلية والتي تتماشى مع ذكرناهُ سلفًا وما أشرنا لَهُ بالمحدداتِ القانونيةِ والتشريعيةِ، فقد اهتمتْ الدولةُ أيدها اللهُ بسنِ مثلَ هَذِهِ الأنظمةِ والتي ركزتْ على خطوطٍ عامةٍ تتماشى مع ذكرناهُ في المقدمةِ.

وهذهِ أبرزُ موادِ اللائحةِ التنفيذيةِ لنظامِ الجمعياتِ والمؤسساتِ الأهليةِ، وهي كما يلي:

1 - السماحُ بالعضويةِ المفتوحةِ والعضويةِ المغلقةِ في الجمعيةِ.

2 - الالتزامُ بالشفافيةِ والإفصاحِ عن أنشطةِ الجمعيةِ ومعلوماتها الاساسيةِ.

3 - توضيحُ الاشتراطاتِ اللازمةِ لاكتسابِ الجمعيةِ لصفةِ النفعِ العامِ.

4 - النصُ على أكثرِ مِنْ 30 غرضًا لأنشطةِ مختلفةٍ للجمعياتِ.

5 - تحفيزُ تأسيسِ الجمعياتِ والمؤسساتِ المتخصصةِ.

6 - وضعُ أحكامٍ للحدِ مِنْ حالاتِ تعارضِ المصالحِ.

7 - إنذارُ الجمعيةِ أو المؤسسةِ عند ارتكابها لمخالفةٍ وقبلَ فرضِ أي عقوبةٍ عليها.

ولِما يلعبهُ البناءُ العقلي التراكمي مِنْ أهميةٍ كبيرةٍ في كلِ المجالاتِ الخدميةِ وغيرها؛ والذي يربطنا بما كَانَ وسوفَ يَكُونَ وهو الذي يُعنى بإجمالي الجهودِ التي بُذِلَتْ في مجالٍ معين والتي سوفَ تُبذل لتقديمِ وتحقيقِ خدمةٍ أو فائدةٍ يُستفادُ منها في الوقتِ الحاضرِ أو في المستقبلِ المنظورِ.

في معظمِ الاحيانِ؛ فإنَّ التفكيرَ الآني والمجردَ والتمحورَ حَوْلَ الذاتِ بإفراطٍ متطرفٍ؛ يقودُ إلى ضبابيةٍ في الطريقِ ونقصِ المعلوماتِ مما يعيقُ ويفضي إلى التعثرِ في الوصولِ للهدفِ المنشودِ.

يقودنا ذلكَ إلى ضرورةِ إتقانِ مهارةِ التواصلِ والأخذِ بها، وهي ضرورةٌ ملحةٌ توفرُ علينا الوقتَ والجهدَ والمالَ، وهي خيرُ رافدٍ لما سيتمُ العملُ مِنْ أجلهِ في قادمِ الأيامِ والتأسيسِ والبناءِ عليهِ، مع عدمِ إغفالِ وتفعيلِ التغذيةِ الراجعةِ «FEED BACK» لمنهجيةِ أي عملٍ مؤسسي بما فيهِ العمل الاجتماعي نفسهُ في كلِمرحلةٍ حتى يتمَ تداركَ خطأ أو قصور، وفي هذا ضمانة على تحقيقِ جودةٍ العَمَلِ في إفرازِ مخرجاتٍ ذاتَ فعاليةٍ وكفاءةٍ عاليةٍ.

مما يهمُ الملاحظُ والمتتبعُ للعملِ الخدمي التطوعي في بلادنا؛ يخلصُ لخطوطٍ عامةٍ داعمةٍ ومنظمةٍ؛ تكفلُ استمراريةَ وديمومةَ ومسهلةَ ومستشرفةَ لخطةِ عملٍ استراتيجيةٍ طويلةِ المدى تكونَ في الآتي:

1 - العملُ الخيري تكاملي وتراكمي يسعى الجميعُ لتحقيقهِ بطرقٍ متزنةٍ وَ مسؤولةٍ.

2 - مخاطبةُ الناسِ بطريقةٍ نمطيةٍ واحدةٍ تميلُ إلى القفزِ على ما عندهم مِنْ خلفيةٍ ثقافيةٍ فذلكَ أشبهُ بركوبِ الدرجِ بدونَ عتباتٍ.

3 - التركيزُ على الأولوياتِ التي هي بمثابةُ العمودُ الفقري لضمانِ سيرِ العَمَلِ، وعدمِ إهمالِ الجوانبِ الأخرى وكما يقولونَ لا تُنسينا المستحباتُ الواجباتَ.

4 - على كلِ الجهاتِ الخدميةِ التي تعملُ في مكانٍ معينٍ؛ ضرورةَ خلقِ أجواءٍ إيجابيةٍ مِنْ التواصلِ والتفاهمِ والتنسيقِ والبناءِ معها للوصولِ إلى تحقيقِ ما نصبوا إليهِ مِنْ غاياتٍ خدميةٍ تمسُ الناسَ وخدمتهم.

5 - ضرورةُ الاستفادةِ وإبرازُ التقديرَ لمِنْ سبقَ أَنْ عَمِلَ في اللجانِ الخدميةِ سواءً مِنْ كَانَ يعملُ على مستوى رسمي أو اجتماعي.

لا يسعُنا في هَذِهِ العُجالةِ إلا أَنْ نقدمَ الشكرَ والتقديرَ والعرفانَ لكلِ اللجانِ العاملةِ في هذا الوطن الغالي علينا جمعيا بأهلهِ سواءً كانوا أفرادًا أو جماعاتٍ تطوعيةٍ أو جهاتٍ رسميةٍ أو أهليةٍ، ونشدُ على يدِ اللجانِ التطوعيةِ الذينَ هم التغذيةُ اللازمةُ لاستمراريةِ هَذِهِ الكيانات الخدمية؛ وهم الذين لا يكلونَ ولا يملونَ في مواصلتهم وسعيهم في كلِ ما مِنْ شانهِ تذليل المعوقات والصعاب في تقديمِ الخدمةِ لِمَنْ يستحقها.

 

المصادرُ:
1 - القرآن الكريم.
2 - موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العوامية الخيرية للخدمات الاجتماعية