احترسوا.. هذا ما يحدث في أذنِ من ينام عن صلاةِ الصبح!
في فصلِ الشِّتاء يحلو السَّمر والسَّهر وبعده يطيب النَّوم واللحاف وتزورنا أجملُ الأحلام، وعندما يدق جرسُ التنبيه لصلاةِ الصبح ندعسه مرَّةً ثم مرَّتين ونظلّ ندعس حتى تطلعَ الشَّمس! وهنا كما وردَ في الحديث يفعل الشَّيطانُ فينا فعلته الشَّنيعة، فعلةً تساوي البولَ في آذاننا، أكرمكم الله. نعم، هكذا جاءت الكلمةُ في الأثر، وليس من جرأتي في الكتابة!
عن أبي جعفر عليه السَّلام قالَ: إن للَّيلِ شيطانًا يُقال له الزهاء، فإذا استيقظَ العبدُ وأرادَ القيامَ إلى الصَّلاة قالَ له: ليست ساعتك، ثم يستيقظ مرَّةً أخرى فيقول: لم يأن لكَ فما يزال كذلك يزيله ويحبسه حتى يطلعَ الفجر، فإذا طلعَ الفجرُ بالَ في أذنه ثم انصاعَ يمصع بذنبه فخرًا ويصيح.
ربما أن ”البول“ في الأذنِ - كرمتم - كناية عن تلاعب الشَّيطان بنا وتمثيلًا لتثاقلنَا وفسادِ سمعنا وعدم انتباهنا لصوتِ المؤذن. يتحدى الشَّيطانُ الإنسانَ في كلِّ شيء، ويبدأ في إسقاطه من أبسطِ الأمور وأهونها تمهيدًا لهزيمته. لا تستيقظ.. نم قليلًا.. يمكنك أن تقضي الصَّلاةَ لاحقًا، ثم يهزمه فيما هو أكبر من الوقت ويوافق على ما يريد الشَّيطانُ في أشياءَ أكبر!
لماذا نحقق للشَّيطانِ هذه الفرحة والصَّيحة، والتقنيَّات الحديثة تستطيع إيقاظَ النَّائم والميِّت في قبره، بكلِّ النغمات، تقنيَّات لو شهدها من ماتَ عدَّها سحرًا عظيمًا وجميلًا؟! ركعتان في دقائق وكأنَّ الله يخاطبنا: واجهوني قبلَ أن تواجِهوا الحياة، زحمةَ الشَّارع.. الاشتباكَ مع النَّاس.. العلمَ في المدارس.. العملَ في المصانع.. أهوالَ البرِّ والبحر! أنا من يفتح لكم كلَّ هذه الأبواب الموصدة ويجعلها سهلةَ الولوج، انهضوا وتأملوا في حياتكم. وهذا رسول الله «صلى اللهُ عليهِ وآله» يقول: ما من عبدٍ اهتمَّ بمواقيتِ الصَّلاةِ ومواضعَ الشَّمسِ إلا ضمنتُ له الروح عند الموت، وانقطاعَ الهمومِ والأحزان، والنَّجاةَ من النَّار.
بين انهزامِ ظلامِ الليلِ وتباشير انتصار ضياء النَّهار مع موعد شروق الشَّمس، تشهد ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النَّهار ويشهد اللهُ معهم المصلين، فكيف ينتصر الشَّيطانُ على المؤمنين إذا هم قاموا وصلوا وتواصلوا معه سبحانه وتعالى؟!
ثمَّ نحن لا ننام إذا كان في ذمتنا دَينًا لإنسان، همٌّ في الليلِ ومذلَّة في النَّهار، إلا أن يكونَ دَينًا لله، فترانا نؤجله ونؤخره! وردَ عن الإمامِ الصَّادق «عليه السَّلام»: قالَ لقمان لابنه: يا بني، وإذا جاءَ وقتُ صلاةٍ فلا تؤخرها لشيء، وصلِّها واسترح منها فإنها دَين.